ويزيد به عليه، فما الذي زاده قوله:
متى ما يضعك الليث تحت لبانه
على قوله: «إذا رمى بقرحته صدر الكمى» ؟
فالفائدة في ذلك أنه إذا قال: رمى صدر الكمى، فإنما ذكر جنس الكماة إطلاقاً من غير تقيد، وإذا قال:
متى ما يضعك الليث تحت لبانه
فقد خاطبه بذلك وخصه به وقصره عليه. وفي القول الأول إنما كان يخص المخاطب منه قدر ما يصيبه في جملة الجماعة الذين هو واحد منهم، وفي الثاني من القصد له والتوجه إليه ما قدمناه، وكان ذلك أبلغ وأفخم وأشد إرهابا وتعظيما.
واعلم أن «إذا» في هذا البيت على هذا التأويل الثاني ينبغي أن تكون متعلقة بنفس «رمى» ومنصوبة الموضع به، وليست مضافة إليه، بل هو في موضع جزم بها، كما يجزم بالشرط الصريح، كما أن «يضع» في البيت الثاني مجزوم ب «متى»، وهي منصوبة الموضع ب «يضع» نفسها من غير خلاف، فهو إذاً في الضرورة كقوله:

ترفع لي خندف والله يرفع لي ناراً إذا أخمدت نيرانهم تقد «١»
فإن قيل: فما الذي دعا إلى اعتقاد هذه الضرورة والدخول تحتها، وهلا حملت/ «إذا» على بابها من كونها مضافة إلى الفعل، كقوله تعالى:
(إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) «٢»، وقوله: (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) «٣»، وقول كعب:
وإذا ما تشاء تبعث منها آخر الليل ناشطا مذعورا «٤»
(١) البيت للفرزدق. (الكتاب ١: ٤٣٤). الديوان (٢١٦).
(٢) النصر: ١.
(٣) الإسراء: ٨٣.
(٤) في الكتاب (١: ٤٣٤) :«مغرب الشمس ناشطا مذعورا».


الصفحة التالية
Icon