في السماء إله، فحذف «هو» لطول الكلام، وليس هذا كقوله تعالى:
(تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) «١» فيمن رفع، ولا: (ما بَعُوضَةً) «٢»، ولا كقوله:
ينسون ما عواقبها «٣»
لأن الكلام لم يطل، مع أنه قد استمر الحذف على مذهبه من صلة «أي»، نحو: اضرب أيهم أفضل.
وقال: (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ) «٤» والتقدير: أيهم هو أشد، وهو مستحسن هنا جدا بخلاف: (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) «٥»، على ما قالوا، فهذا يوجب أن قوله: (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) «٦» وأخواته يكون على:
ومن هو عنده، فيكون الظرف جار يا مجراه في قوله: زيد عندك. ولا يصلح الاستدلال به في قيامه مقام الفعل، لأن الموصولة توصل بالجملة، ألا ترى استمرار حذف «هو» في «أيهم أشد».
فهذا ما حضرنا الآن، فإن وقع لي فصل بين «وأيهم» فيما بعد والرجوع نبهتك على ذا إن شاء الله.
ومن ذلك قوله تعالى: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) «٧» حمل سيبويه نصب قوله «ويعلم» على الصرف «٨»، وهي قراءة الجمهور إلا الحسن، فإنه قرأ: «ويعلم الصابرين» بكسر الميم. وقالوا: إنه مجزوم بالعطف على «يعلم الله». وهذا الإجماع هنا مخالف لما جاء فى قوله:

(٥- ١) الأنعام: ١٥٤.
(٢) البقرة: ٢٦.
(٣) جزء من بيت، وقد مر (ص: ٨٢٨).
(٤) مريم: ٦٩.
(٦) الرعد: ٤٣.
(٧) آل عمران: ١٤٢.
(٨) يعني: الصرف عن التشريك لما بعدها في إعراب الفعل الذي قبلها، وليس النصب على الصرف من اصطلاح البصريين. (البحر ٣: ٣٧٥).


الصفحة التالية
Icon