قال محمد بن يزيد: قسط إذا جار وأقسط إذا عدل، مأخوذ منه أي أزال القسوط وفي الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «كثيرا المقسطون الذين يعدلون في حكمهم وما ولّوا على منابر من نور على يمين الرحمن جلّ وعزّ» «١».
[سورة الحجرات (٤٩) : آية ١٠]
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ مبتدأ وخبره لمّا اتّفقوا في الدّين رجعوا إلى أصلهم لأنهم جميعا من بني آدم. وقراءة عبد الرحمن بن أبي بكرة وابن سيرين فأصلحوا بين إخوانكم «٢»
، وقراءة يعقوب فأصلحوا بين إخوتكم «٣» وأخ وإخوة لأقلّ العدد وإخوان للكثير وبَيْنَ أَخَوَيْكُمْ «٤» بين كلّ مسلمين اقتتلا فقد صار عامّا.
[سورة الحجرات (٤٩) : آية ١١]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ جزم بالنهي. وروى الضّحاك عن ابن عباس أن بعضهم كان يقول لبعض: أنّك لغير رشيد، وما أشبه ذلك، يستهزئ به فنزل هذا، وهو من بني تميم وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ نهي أيضا. قال عكرمة عن ابن عباس: أي لا يعب بعضكم بعضا. وسمعت علي بن سليمان يقول: اللّمز في اللغة أن يعيب بالحضرة، والهمز في الغيبة. وقال أبو العباس محمد بن يزيد: اللّمز يكون باللسان والعين يعيبه ويحدّد إليه النظر وتشير إليه بالاستنقاص، والهمز لا يكون إلّا باللسان في الحضرة والغيبة، وأكثر ما يكون في الغيبة، فهذا شرح بيّن، وقد أنشد أبو العباس لزياد الأعجم: [البسيط] ٤٣١-
إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة | وإن تغيّبت كنت الهامز اللّمزه |
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ١١١.
(٣) انظر البحر المحيط ٨/ ١١١.
(٤) انظر البحر المحيط ٨/ ١١١.
(٥) الشاهد لزياد الأعجم في ديوانه ٧٨، وبهجة المجالس ١/ ٤٠٤، وبلا نسبة في لسان العرب (همز)، وجمهرة اللغة ص ٧٢٧، ومقاييس اللغة ٦/ ٦٦، ومجمل اللغة ٤/ ٤٨٨، وديوان الأدب ١/ ٢٥٦، وأساس البلاغة (لمز)، وإصلاح المنطق ٤٢٨، وتاج العروس (همز)، وكتاب العين ٤/ ١٧.