السُّفَهاءُ: ضعفاء العقول، والمقصود هنا الجهلاء وضعفاء النفوس.
شَياطِينِهِمْ المراد: إخوانهم في الكفر. مُسْتَهْزِؤُنَ الاستهزاء: الاستخفاف والسخرية، وهو من اليهود بهذا المعنى، ومن الله بمعنى أنه لا يعبأ بهم لحقارتهم وسوء إدراكهم، أو بمعنى أنه سيجازيهم عليه. يَمُدُّهُمْ: يزيدهم. طُغْيانِهِمْ الطغيان: مجاوزة الحد. يَعْمَهُونَ العمه: ضلال البصيرة، والمراد: التحير والتردد. اشْتَرَوُا: استبدلوا.
المعنى:
الصنف الثالث من الناس هم المنافقون، وهؤلاء أشد خطرا على الإسلام من الكفار صراحة ولذا تكلم عليهم في ثلاث عشرة آية، وليس المراد بهم المنافقين المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقط بل كل من ينطبق عليه الوصف في كل عصر ووقت.
بعض الناس آمن بالله واليوم الآخر قولا باللسان فقط، وقلبه ملئ بالكفر والضلال، فيرد الله عليهم دعواهم وأنهم ليسوا بمؤمنين وإن تظاهروا به، ولا شك أنهم في إظهارهم الإيمان وإخفائهم الكفر في صورة المخادعين لله، ولأن الله- سبحانه- يعلم عنهم ذلك وأنهم ليسوا بمؤمنين، بل أشد ضررا من الكفار، ومع ذلك يأمر بإجراء أحكام الإسلام الظاهرة عليهم كأنه يخادعهم، وهكذا المسلمون حيث امتثلوا أمر الله فيهم كأنهم مخادعون لهم، فهذا كله من باب التشبيه والتمثيل.
وإلا فالله عالم بهم لا تجوز عليه مخادعتهم وقادر على إيقاف المسلمين على حالهم حتى لا ينخدعوا بهم، وليس خداعهم وعاقبته إلا وبالا عليهم، وما يشعرون بذلك لأن قلوبهم قد ملئت غيظا وحسدا وشكّا ونفاقا حتى عموا عن إدراك أبسط الأشياء، زادهم الله من هذه الأمراض، ولهم عذاب شديد مؤلم في الدنيا والآخرة.
والواقع أن المنافقين في كل زمان ودولة هم الخطر الداهم على أممهم والسهم الذي يصوب في ظهر وطنهم، وكثيرا ما لاقى النبي صلّى الله عليه وسلّم من النفاق والمنافقين.
والنفاق واليهودية شيئان متلازمان لأنه ينشأ عن جبن حقيقى ولؤم طبيعي، فالمنافق يلتوى مع الناس في أقواله وأفعاله، وكم للمنافق في المجتمعات من أضرار بالغة ومخادعات هادمة.