العقوبات وأزجرها، بسبب ما يجر إليه من فساد في الأخلاق والأنساب ونظام الأسر، فناسب أن توسع على الناس في تعدد النساء لمن كان من الرجال ميالا للتعدد، مستطيعا لتكاليفه ومطالبه.
ومنها قصد الابتعاد عن الطلاق، فإن المرأة قد لا تكون قادرة على القيام بالمطالب الزوجية التي تحتمها حياتها مع زوجها بسبب مرضها أو عجزها أو عقمها أو غير ذلك من الأسباب، فيلجأ زوجها إلى الزواج بأخرى غيرها مع بقاء الزوجة الأولى في عصمته بدل أن يطلقها فتفقد حياتها الزوجية، وقد تكون هي في حاجة إلى هذا الزوج الذي يقوم برعايتها وحمايتها والقيام بشأنها.
والخلاصة أن الله- تعالى- قد علم أن مصلحة الرجال والنساء قد تستدعى تعدد الزوجات، - بل قد توجبه في بعض الحالات- فأباح لهم هذا التعدد، وحدد غايته بأربع بحيث لا يجوز الزيادة عليهن، وقيد- سبحانه- هذه الإباحة بالعدل بينهن فيما يستطيع الإنسان العدل فيه بحسب طاقته البشرية، فإن علم الإنسان من نفسه عدم القدرة على العدل بينهن لم يبح له التعدد.
ولو أن المسلمين ساروا على حسب ما شرع الله لهم لسعدوا في دنياهم وفي آخرتهم لأن الله- تعالى- ما شرع لهم إلا ما فيه منفعتهم وسعادتهم.
ثم أمر الله تعالى الرجال أن يعطوا النساء مهورهن كاملة عن رضا وسماحة نفس، وألا يطمعوا في شيء مما أعطاه الله لهن فقال- تعالى-:
[سورة النساء (٤) : آية ٤]
وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤)
وقوله صَدُقاتِهِنَّ جمع صدقة- بضم الدال- وهي ما يعطى للزوجة من المهر.
وقوله نِحْلَةً أى عطية واجبة وفريضة لازمة. إذ النحلة في الأصل: العطية على سبيل التبرع. يقال: نحله كذا ونحلا، إذا أعطاه إياه عن طيب نفس بلا مقابلة عوض.
والمعنى: وأعطوا النساء مهورهن عطية عن طيب نفس منكم، لأن هذه المهور قد فرضها الله لهن، فلا يجوز أن يطمع فيها طامع، أو يغتالها مغتال، والخطاب للأزواج. قالوا: لأن