وقد قال القرطبي في بيان كيفية هذا الاختبار ما ملخصه: لا بأس في أن يدفع الولي إلى اليتيم شيئا من ماله يبيح له التصرف فيه، فإن نماه وحسن النظر فيه فقد وقع الاختبار، ووجب على الوصي تسليم جميع ماله إليه- أى بعد بلوغه- وإن أساء النظر وجب عليه إمساك المال عنه..
وقال جماعة من الفقهاء: الصغير لا يخلو من أن يكون غلاما أو جارية، فإن كان غلاما رد النظر إليه في نفقة الدار شهرا، وأعطاه شيئا نزرا ليتصرف فيه ليعرف كيف تدبيره وتصرفه، وهو مع ذلك يراعيه لئلا يتلفه، فإذا رآه متوخيا الإصلاح سلم إليه ماله عند البلوغ وأشهد عليه.
وإن كان جارية رد إليها ما يرد إلى ربة البيت من تدبير بيتها والنظر فيه فإن رآها رشيدة سلم إليها مالها وأشهد عليها وإلا بقيا تحت الحجر» «١».
وقد بنى الإمام أبو حنيفة على هذا الاختبار أن تصرفات الصبى العاقل المميز بإذن الولي صحيحة، لأن ذلك الاختبار إنما يحصل إذا أذن له الولي في البيع والشراء- مثلا- وهذا يقتضى صحة تصرفاته.
ويرى الإمام الشافعى أن الاختبار لا يقتضى الإذن في التصرف ولا يتوقف عليه، بل يكون الاختبار بدون التصرف على حسب ما يليق بحال الصبى فابن التاجر- مثلا- يختبر في البيع والشراء إلى حيث يتوقف الأمر على العقد وحينئذ يعقد الولي إن أراد.
٢- كذلك أخذ العلماء من هذه الآية أن الأوصياء لا يدفعون أموال اليتامى إليهم إلا بتحقيق أمرين:
أحدهما: بلوغ النكاح.
والثاني: إيناس الرشد.
والمراد ببلوغ النكاح بلوغ وقته وهو التزوج، وهو كناية عن الخروج من حالة الصبا للذكر والأنثى، بأن توجد المظاهر التي تدل على الرجولة في الغلام، والتي تدل على مبلغ بلوغ النساء في الفتاة، وذلك يكون بالاحتلام أو بالحيض بالنسبة للفتاة أو ببلوغ سن معينة قدرها بعضهم بخمس عشرة سنة بالنسبة للذكر والأنثى على السواء.
وقدرها أبو حنيفة بسبع عشرة سنة بالنسبة للفتاة، وبثماني عشرة سنة بالنسبة للفتى.
ومن بلاغة القرآن الكريم أنه عبر عن حالة البلوغ بقوله: حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ لأن