الصحابة رأوا الملائكة- عليهم السلام- «١».
٢- أن بعض الآيات القرآنية التي تحدثت عن غزوة بدر قد وضحت وظيفة الملائكة توضيحا تاما، ومن ذلك قوله- تعالى-: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا، سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ، فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ، وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ.
قال ابن جرير في معنى فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا قووا عزمهم، وصححوا نياتهم في قتال أعدائهم من المشركين..
وقال في معنى قوله- تعالى- فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ..: والصواب من القول في ذلك أن يقال إن الله أمر المؤمنين معلما إياهم كيفية قتل المشركين وضربهم بالسيف، أن يضربوا فوق الأعناق منهم والأيدى والأرجل... » «٢».
وقال الفخر الرازي: قوله فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ فيه وجهان: الأول: أنه أمر للملائكة متصل بقوله- تعالى- فَثَبِّتُوا. وقيل: بل أمر للمؤمنين، وهذا هو الأصح لما بينا أنه- تعالى- ما أنزل الملائكة لأجل المقاتلة والمحاربة.. «٣».
٣- أن الروايات التي استند إليها من قال بأن الملائكة قاتلت مع المؤمنين في بدر لم ترد في كتب السنة المعتمدة، بل لم يذكر معظمها الإمام ابن جرير مع علمنا باهتمامه بالمرويات في تفسيره. وفضلا عن ذلك فإن أكثر هذه الروايات لم تصرح بأن الملائكة قد قاتلت.
فمثلا رواية أبى داود المازني لم تصرح بأن المشرك الذي أراد هو أن يقتله قد قتله ملك.
وكذلك الحال بالنسبة لروايتي أبى أسيد وسهيل بن حنيف وأما قول أبى جهل لابن مسعود:
«هم إذن غلبونا- يعنى الملائكة- لا أنتم، فنرجح أنه من باب التبرير والمغالطة. فهو يريد أن ينفى- حقدا منه وعنادا- قوة المؤمنين الذين صرعوا أمثاله من الطغاة..
والخلاصة أن معظم هذه الروايات- مع ضعفها- لم تصرح بأن الملائكة قد قاتلوا مع المؤمنين يوم بدر.
٤- استبعد كثير من العلماء اشتراك الملائكة في القتال، ومن هؤلاء العلماء الإمام أبو بكر الأصم فقد قال:
«إن الملك الواحد يكفى في إهلاك أهل الأرض كما فعل جبريل بمدائن قوم لوط. فإذا

(١) تفسير الآلوسى ج ٩ ص ١٧٤.
(٢) تفسير ابن جرير ج ٩ ص ١٩٧، ص ١٩٨.
(٣) تفسير الفخر الرازي ج ٥ ص ١٣٥.


الصفحة التالية
Icon