وَ: أَوْ، عَلَى بَابِهَا مِنْ كَوْنِهَا تَأْتِي لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، أَوْ لِأَشْيَاءَ، وَالْفِعْلُ بَعْدَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى: تَمَسُّوهُنَّ، فَهُوَ مَجْزُومٌ، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَصْدَرٍ مُتَوَهَّمٍ، فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى إِضْمَارِ أَنَّ بَعْدَ أَوْ، بِمَعْنَى إِلَّا. التَّقْدِيرُ: مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ إِلَّا أَنْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةٍ مَحْذُوفَةٍ التَّقْدِيرُ: فَرَضْتُمْ أَوْ لَمْ تَفْرِضُوا، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ مَعْطُوفٌ عَلَى: تَمَسُّوهُنَّ، أَقْوَالٌ أربعة.
الأول: لابن عَطِيَّةَ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي: لِلزَّمَخْشَرِيِّ وَالثَّالِثُ: لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يُسَمِّ وَالرَّابِعُ: لِلسَّجَاوَنْدِيِّ وَغَيْرِهِ.
فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: يَنْتَفِي الْجُنَاحُ عَنِ الْمُطْلَقِ عِنْدَ انْتِفَاءِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا الْجِمَاعِ، وَإِمَّا تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ، أَمَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ الْجِمَاعِ فَصَحِيحٌ، وَأَمَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فَالْحُكْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ، وَهِيَ الْمُفَوَّضَةُ، إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا لَا يَنْتَفِي الْجُنَاحُ عَنْهُ.
وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: يَنْتَفِي الْجُنَاحُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْجِمَاعِ إِلَّا إِنْ فُرِضَ لَهَا مَهْرٌ، فَلَا يَنْتَفِي الْجُنَاحُ، وَإِنِ انْتَفَى الْجِمَاعُ، لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنَ الْحَالَاتِ الَّتِي يَنْتَفِي فِيهَا الْجُنَاحُ حَالَةَ فَرْضِ الْفَرِيضَةِ، فَيَثْبُتُ فِيهَا الْجُنَاحُ.
وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ: يَنْتَفِي الْجُنَاحُ بِانْتِفَاءِ الْجِمَاعِ فَقَطْ، سَوَاءٌ فَرَضَ أَمْ لَمْ يَفْرِضْ، وَقَالُوا: الْمُرَادُ هُنَا بِالْجُنَاحِ لُزُومُ الْمَهْرِ، فَيَنْتَفِي ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْجِمَاعِ، فَرَضَ مَهْرًا أَوْ لَمْ يَفْرِضْ، لِأَنَّهُ إِنْ فَرَضَ انْتَقَلَ إِلَى النِّصْفِ، وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ، فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا طَلَّقَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ فَرَضَ لَهَا، أُجْبِرَ عَلَى نِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَكِنِ الْمُتْعَةُ.
وَفِي هَذَا الْقَوْلِ الثَّالِثِ حَذْفُ جُمْلَةٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ: فَرَضْتُمْ، وَإِضْمَارُ: لَمْ، بَعْدَ: أَوْ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلَّا إِذَا عُطِفَ عَلَى مَجْزُومٍ، نَحْوَ: لَمْ أَقُمْ وَأَرْكَبْ، عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَجْعَلُ الْعَامِلَ فِي الْمَعْطُوفِ مُقَدَّرًا بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ.
وَعَلَى الْقَوْلِ الرَّابِعِ: يَنْتَفِي الْجُنَاحُ بِانْتِفَاءِ الْجِمَاعِ وَتَسْمِيَةِ الْمَهْرِ مَعًا، فَإِنْ وُجِدَ الْجِمَاعُ وَانْتَفَتِ التَّسْمِيَةُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَإِنِ انْتَفَى الْجِمَاعُ وَوُجِدَتِ التَّسْمِيَةُ فَنَصِفُ الْمُسَمَّى، فَيَثْبُتُ الْجُنَاحُ إِذْ ذَاكَ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَيَنْتَفِي بِانْتِفَائِهِمَا، وَيَكُونُ الْجُنَاحُ إِذْ ذَاكَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَلْزَمُ الْمُطَلِّقَ بِاعْتِبَارِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ.