آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَارًا «١» التَّقْدِيرُ فَأَتَوْهُ بِهَا وَوَضَعَهَا بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ حَتَّى إِذا سَاوَى بَيْنَهُمَا قَالَ: انْفُخُوا فَنَفَخَهُ حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَارًا بِأَمْرِهِ وَإِذْنِهِ قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ وَلِهَذَا قَالَ الْفَرَّاءُ حَتَّى إِذا لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهَا كَلَامٌ لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ التَّكْمِيلِ أَحْكَامَ حَتَّى مُسْتَوْفَاةً وَدُخُولَهَا عَلَى الشَّرْطِ، وَمَذْهَبَ الْفَرَّاءِ وَالْكِسَائِيِّ فِي ذَلِكَ وَمَذْهَبَ غَيْرِهِمَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُنَا هِيَ حَتَّى الَّتِي تَقَعُ بَعْدَهَا الْجُمَلُ وَالْجُمْلَةُ قوله: إِذا جاؤُكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ويُجادِلُونَكَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ انْتَهَى. وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجَارَّةَ وَيَكُونَ إِذا جاؤُكَ فِي مَحَلِّ الْجَرِّ بِمَعْنَى حتى وقت مجيئهم ويُجادِلُونَكَ حَالٌ وَقَوْلُهُ: يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا تَفْسِيرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَلَغَ تَكْذِيبُهُمُ الْآيَاتِ، إِلَى أَنَّهُمْ يُجَادِلُونَكَ وَيُنَاكِرُونَكَ وَفَسَّرَ مُجَادَلَتَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ فَيَجْعَلُونَ كَلَامَ اللَّهِ وَأَصْدَقَ الْحَدِيثِ خُرَافَاتٍ وَأَكَاذِيبَ وَهِيَ الْغَايَةُ فِي التَّكْذِيبِ انْتَهَى. وَمَا جَوَّزَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي إِذا بَعْدَ حَتَّى مِنْ كَوْنِهَا مَجْرُورَةً أَوْجَبَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي التَّسْهِيلِ، فَزَعَمَ أَنَّ إِذا تُجَرُّ بِ حَتَّى. قَالَ فِي التَّسْهِيلِ: وَقَدْ تُفَارِقُهَا، يَعْنِي إِذا الظَّرْفِيَّةَ مَفْعُولًا بِهَا وَمَجْرُورَةً بِ حَتَّى أَوْ مُبْتَدَأً وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَجْوِيزِهِ أَنْ تَكُونَ إِذا مَجْرُورَةً بِ حَتَّى، وَابْنُ مَالِكٍ فِي إِيجَابِ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلًا غَيْرَهُ خَطَأٌ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّذْيِيلِ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ، وَقَدْ وُفِّقَ الْحَوْفِيُّ وَأَبُو الْبَقَاءِ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُعْرِبِينَ لِلصَّوَابِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هَنَا أبو البقاء حَتَّى إِذا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لِجَوَابِهَا وَهُوَ يَقُولُ وَلَيْسَ لِحَتَّى هَاهُنَا عَمَلٌ وَإِنَّمَا أَفَادَتْ مَعْنَى الْغَايَةِ، كَمَا لَا تَعْمَلُ فِي الجمل ويُجادِلُونَكَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي جاؤُكَ وَهُوَ الْعَامِلُ فِي الْحَالِ، يَقُولُ جَوَابُ إِذا وَهُوَ الْعَامِلُ فِي إِذَا انْتَهَى.
وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوا الرَّسُولَ وَأَتْبَاعَهُ وَكَانُوا يَدْعُونَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ بِأَبِي طَالِبٍ يُرِيدُونَ سُوءًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ:
وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ | حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التراب دفينا |