فَيَقُولُ: عَلَى هَذَا نِعْمَ الْبَعِيرُ، الْجَمَلُ لِعُمُومِهِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْأَشْهَرِ لِتَرَادُفِهِ. وَفِي لُغَةٍ تُكْسَرُ بَاؤُهُ، وَيُجْمَعُ فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَبْعِرَةٍ، وَفِي الْكَثْرَةِ عَلَى بِعِرَانٍ.
وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ. قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ: لَمَّا اسْتَثْنَى الْمَلِكُ فِي رُؤْيَاهُ وَأَعْضَلَ عَلَى الْمَلَأِ تَأْوِيلَهَا، تَذَكَّرَ النَّاجِي مِنَ الْقَتْلِ وَهُوَ سَاقِي الْمَلِكِ يُوسُفَ، وَتَأْوِيلَ رُؤْيَاهُ وَرُؤْيَا صَاحِبِهِ، وَطَلَبَهُ إِلَيْهِ لِيَذْكُرَهُ عِنْدَ الْمَلِكِ. وَادَّكَرَ أَيْ تَذَكَّرَ مَا سَبَقَ لَهُ مَعَ يُوسُفَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَيْ: مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ. وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ وَادَّكَرَ حَالِيَّةٌ، وَأَصْلُهُ: وَاذْتَكَرَ أُبْدِلَتِ التَّاءُ دَالًا وَأُدْغِمَتِ الذَّالُ فِيهَا فَصَارَ ادَّكَرَ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ: وَاذَّكَرَ بِإِبْدَالِ التَّاءِ ذَالًا، وَإِدْغَامُ الذَّالِ فِيهَا. وَقَرَأَ الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ: بَعْدَ إِمَّةٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ: بَعْدَ نِعْمَةٍ أُنْعِمَ عَلَيْهِ بِالنَّجَاةِ مِنَ الْقَتْلِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: بَعْدَ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى يُوسُفَ فِي تَقْرِيبِ إِطْلَاقِهِ، وَالْأُمَّةُ النِّعْمَةُ قَالَ:
| أَلَا لَا أَرَى ذَا إِمَّةٍ أَصْبَحَتْ بِهِ | فَتَتْرُكُهُ الْأَيَّامُ وَهِيَ كَمَا هِيَا |
وَقَرَأَ الْحَسَنُ أَنَا أَتِيكُمُ مُضَارِعُ أَتَى مِنَ الْإِتْيَانِ، وَكَذَا فِي الْإِمَامِ. وَفِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ:
فَأَرْسِلُونِ، أَيِ ابْعَثُونِي إِلَيْهِ لِأَسْأَلَهُ، وَمُرُونِي بِاسْتِعْبَارِهِ، اسْتَأْذَنَ فِي الْمُضِيِّ إِلَى يُوسُفَ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ فِي السِّجْنِ فِي غَيْرِ مَدِينَةِ الْمَلِكِ، وَقِيلَ: كَانَ فِيهَا، وَيَرْسُمُ النَّاسُ الْيَوْمَ سِجْنَ يُوسُفَ فِي مَوْضِعٍ عَلَى النِّيلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُسْطَاطِ ثَمَانِيَةَ أَمْيَالٍ. وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ التَّقْدِيرُ: فَأَرْسِلُوهُ إِلَى يُوسُفَ فأتاه فقال: والصديق بِنَاءُ مُبَالِغَةٍ كَالشَّرِّيبِ وَالسِّكِّيرِ، وَكَانَ