ثم قال: وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، يعني: اتخذوا المسيح رباً من دون الله. وَما أُمِرُوا، يقول وما أمرهم عيسى عليه السلام إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، يعني: إلا قوله:
الله ربي وربكم ويقال: وَما أُمِرُوا في جميع الكتب إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إلها يعني: ليوحدوا الله تعالى إلها واحداً. ثم نزه نفسه فقال تعالى: لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، يعني: يعبدون من دونه.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٣٢ الى ٣٣]
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)
ثم قال عز وجل: يُرِيدُونَ، يعني: اليهود النصارى أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، يعني: يريدون أن يردوا القرآن تكذيباً بألسنتهم ويقال: يريدون أن يغيروا دين الإسلام بألسنتهم، ويقال: يريدون أن يبطلوا كلمة التوحيد بكلمة الشرك. وَيَأْبَى اللَّهُ، يعني: لا يرضى الله ولا يترك إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ، يعني: يظهر دينه الإسلام. وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ فيظهره.
ثم قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى، يعني: بالقرآن والتوحيد، وَدِينِ الْحَقِّ يعني: دين الإسلام ويقال: دين الله، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ حتى: يظهره بالحجة على الدين كله ويقال: بالقهر والغلبة والرعب في قلوب الكفار وقال ابن عباس:
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ يعني: بعد نزول عيسى عليه السلام لا يبقى أحد إلا ودخل في دين الإسلام، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٣٤ الى ٣٥]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ، قال السدي: الأحبار اليهود، والرهبان النصارى. وقال ابن عباس: «الأحبار العلماء، والرهبان أصحاب الصوامع».
لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ، يعني: بالظلم بغير حق، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني:
يصرفون الناس عن دين الله. ثم بيّن الله تعالى حالهم للمؤمنين لكي يحذروا منهم ولا يطيعونهم.