بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، ليس له عجم.
وقوله: وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، [الأنفال: ٣٣] ثم قال على إثر ذلك: وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ [الأنفال: ٣٤] فإن النّضر بن الحارث قال: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [الأنفال: ٣٢] يريد أهلكنا ومحمدا ومن معه عامة. فأنزل الله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ، [الأنفال: ٣٣] أي وفيهم قوم يستغفرون، يعني المسلمين.
يدلّك على ذلك قول الله تبارك وتعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) [الأنفال: ٣٣]، ثم قال: وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ خاصة وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ [الأنفال: ٣٤] يعني المسلمين، فعذّبهم الله بالسيف بعد خروج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عنهم، وفي ذلك نزلت: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١)، [المعارج: ١] أي دعا داع بعذاب واقع، يعني النضر بن الحارث لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) [المعارج: ٢] يقول: هو للكافرين خاصة دون المؤمنين، وهو معنى قول ابن عباس.
وقال (مجاهد) في قوله: وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ: علم أن في أصلابهم من سيستغفر.
وأما قولهم: أين قوله: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى من قوله: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ [النساء: ٣]، فهل شيء أشبه بشيء أليق به من أحد الكلامين بالآخر؟!.
والمعنى: أن الله تعالى قصر الرجال على أربع نسوة وحرّم عليهم أن ينكحوا أكثر منهن، لأنه لو أباح لهم أن ينكحوا من الحرائر ما أباح من ملك اليمن لم يستطيعوا العدل عليهن بالتّسوية بينهن، فقال لنا: فكما تخافون ألا تعدلوا بين اليتامى إذا كفلتموهم، فخافوا أيضا ألا تعدلوا بين النساء إذا نكحتموهن، فانكحوا اثنتين وثلاثا وأربعا، ولا تتجاوزوا ذلك فتعجزوا عن العدل.
ثم قال: فإن خفتم أيضا ألا تعدلوا بين الثلاث والأربع، فانكحوا واحدة، أو اقتصروا على ما ملكت أيمانكم من الإماء، ذلك أدنى ألا تعولوا، أي لا تجوروا وتميلوا.
وقال ابن عباس: قصر الرجال على أربع من أجل اليتامى.
يقول: لما كان النساء مكفولات بمنزلة اليتامى، وكان العدل على اليتامى شديدا


الصفحة التالية
Icon