حدّث كذب وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر» «١».
وحديث رواه أبو داود عن أنس قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» «٢». وحديث رواه الشيخان والترمذي عن حارثة بن وهب عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة، كلّ ضعيف متضاعف لو أقسم على الله لأبرّه. ألا أخبركم بأهل النار كلّ عتلّ جوّاظ مستكبر» «٣». وحديث رواه الترمذي عن الزبير بن العوام أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «دبّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدّين. والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابّوا. ألا أنبّئكم بما يثبت ذاكم لكم أفشوا السلام بينكم» «٤».
وهكذا يتساوق التلقين القرآني مع التلقين القرآني في التنديد بالأخلاق السيئة. وهذا ليس كل ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فهناك أحاديث كثيرة من بابها وردت في كتب ومساند أئمة آخرين فاكتفينا بما أوردناه نقلا من الكتب الخمسة. وهناك أحاديث أخرى في هذه الكتب سنوردها في مناسبات أكثر ملاءمة.
تعليق ثان على موقف المناوأة الذي وقفه الزعماء والأغنياء
ووصف الكذاب الحلاف بذي مال وبنين يدل على أن الذين وقفوا من النبي صلّى الله عليه وسلّم هذه المواقف وطلبوا منه المداهنة ونعتوه بالضلال هم بصراحة من ذوي اليسار. وفي الآيات صورة ثانية من صور مواقف زعماء الكفار من الدعوة النبوية منذ بدئها كرد فعل لما كان يتلوه النبي صلّى الله عليه وسلّم من آيات وسور قرآنية فيها دعوة ملحة
(٢) المصدر نفسه، ص ٢٥- ٢٧.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) المصدر نفسه.