اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)، وآية سورة آل عمران هذه: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)، وآية سورة الأحزاب هذه: وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً (٢٢)، وآية سورة التوبة هذه: وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤).
ولقد كان ما احتوته هذه الآيات من المسائل التي دار الكلام والبحث حولها بين علماء الكلام وأئمة التأويل من ناحية ما إذا كان الإيمان يزيد وينقص «١».
ومنهم من استدل بها على أنه يزيد وينقص أو على تفاضل الإيمان في القلوب وهناك أحاديث تساق في سبيل الاستدلال على ذلك أيضا منها حديث رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري جاء فيه: «من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» «٢». ومنها حديث رواه الخمسة جاء فيه: «الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» «٣».
والذي يتبادر لنا أن الإيمان في حدّ ذاته لا يصح عليه زيادة ولا نقص مع احتفاظه بصفته. لأن الزيادة تعني نقصا سابقا والنقص يعني تراجعا وشكا.
وكلاهما ينقض صفة الإيمان لذاته. وكل ما يمكن أن يصح فيما يتبادر لنا أن هناك يقينا أو إيمانا غيبيا يمكن أن يصير يقينا أو إيمانا عينيا من قبل طمأنينة القلب بالبرهان والمشاهدة مع الإيمان قبل ذلك إيمانا غيبيا ومن قبيل ما حكي في آية البقرة هذه عن إبراهيم وجواب الله على سؤاله: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ
(٢) التاج ج ١، ص ٢٤.
(٣) المصدر نفسه، ص ٢٣.