الْقَدْرِ (٢) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)، يملكها بعدك بنو أمية يا محمد. قال القاسم فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص» «١». ولقد علق الطبري على هذا بقوله إنها دعاو باطلة لا دلالة عليها من خبر وعقل. وذكر ابن كثير أن الترمذي وصف حديثه بالغريب وقال إنه لا يعرف إلّا عن طريق القاسم. ووصفه ابن كثير بأنه منكر جدا وقال إن شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي قال عنه إنه منكر. ونبه على عدم انطباق مدة بني أمية على الألف شهر لأنها أكثر من ذلك بنحو تسع سنين. وفي هذا إظهار لكذب القاسم راوي الحديث في قوله إننا حسبناها فلم تزد ولم تنقص يوما. وقال ابن كثير فيما قاله إن السورة مكية ولم يكن للنبي منبر في مكة.
والذي نعتقده أن الرواية من روايات الشيعة التي يخترعونها لتأييد مقالاتهم على ما نبهنا عليه في مناسبة سابقة مهما كان بين ما يروونه وبين فحوى العبارة القرآنية وسياقها مفارقة. وهذا يظهر قويا في هذه الرواية. ورواية الترمذي للرواية ليس من شأنها أن تجعلنا نتوقف في ذلك فاحتمال التدليس في ذلك وارد دائما.
ولعل ما قاله ابن كثير من أنه لم يكن في مكة منبر هو الذي جعل رواة الشيعة يروون رواية مدنية السورة لأن روايتهم تتسق بهذه الرواية.
ولقد قال الطبري إن أشبه الأقوال بظاهر التنزيل في معنى جملة لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) من قال: «عمل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر» وروي عن مجاهد قولا جاء فيه أن معناها هو أن قيامها والعمل فيها خير من ألف شهر. ومع ما في هذا القول وذاك من وجاهة وصواب فإننا لا نزال نرجح أن الجملة قد جاءت بقصد التوكيد على ما في ليلة القدر من خير وبركة على سبيل التنويه والتعظيم بحدث الحادث العظيم الذي كان فيها، والله أعلم.