لهذه النقطة فيقول فيما يقول: «قد أنكر المبتدعة حديث عائشة المتفق عليه وزعم أنه يحط من منصب النبوة ويشكك فيها وأن تجويزه يمنع الثقة بالشرع.
ورد على ذلك بأن هذا الزعم باطل لأن الدلائل القطعية والنقلية قامت على صدقه صلّى الله عليه وسلّم وعصمته فيما يتعلق بالتبليغ والمعجزة شاهدة بذلك. وتجويز ما قام الدليل بخلافه باطل، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا وهو ما يعرض للبشر فغير بعيد أن يخيل إليه من أمور الدنيا ما لا حقيقة له وقد قيل إنه كان يخيل إليه أنه وطئ زوجاته وليس بواطئ وهذا مثل ما يتخيله الإنسان في المنام فلا يبعد أن يتخيله في اليقظة ولا حقيقة له. وقيل إنه يخيل إليه أنه فعله وما فعله ولكن لا يعتقد صحة ما تخيله فتكون اعتقاداته على السواء». وقال القاضي عياض على ما جاء في تفسير الخازن: «وقد جاءت في بعض روايات هذا الحديث مبينة أن السحر إنما سلط على بدنه وظواهر جوارحه لا على قلبه وعقله واعتقاده وليس في ذلك ما يوجب لبسا على الرسالة ولا طعنا لأهل الزيغ والضلالة». ومن الصعب أن يقال إن هذا مقنع ومزيل للحيرة. ويظهر أن هذا الأمر قد أشكل على المفسر الطبرسي فأبى أن يقبله كما هو وقال في سياق تفسير الآية [١٠٢] من سورة البقرة إن هذا من الأخبار المفتعلة. وقال في سياق تفسيره لسورة الفلق إن هذا لا يجوز لأن هذا يجعل وصف المسحور متحققا بالنبي مع أن الله تعالى قد أبي ذلك حينما قاله الكفار فيه فقال: وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا الفرقان [٨- ٩] «١» ثم قال ولكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته على ما روي اجتهدوا في ذلك فلم يقدروا عليه. وأطلع الله نبيه على ما فعلوه من التمويه حتى استخرج وكان ذلك دلالة على صدقه. وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم ولو قدروا على ذلك لقتلوه وقتلوا كثيرا من المؤمنين من شدة عداوتهم له. وكلام