٣- هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣).
وإن الذي ينزل عليه بالقرآن ملك رسول من الله تعالى وليس شيطانا كما جاء في آيات سورة التكوير هذه: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (٢٤) وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (٢٥) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (٢٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ
(٢٧).
ولقد كانوا يكررون أقوالهم على ما حكته الآيات فاقتضت حكمة التنزيل تكرار الكلام عن الموضوع بسبيل الردّ والتكذيب.
ولقد توهم بعضهم أن محاولات البشر في هذه الحقبة في الطيران إلى الأجواء العالية بواسطة الصواريخ الهائلة السرعة واحتمال وصولهم إلى القمر والنجوم ونزولهم فيها مما يتعارض مع ما جاء في الآيات التي نحن في صددها وأمثالها في السور الأخرى على ما فهمناه من سؤال ورد علينا من جماعة الإرشاد الإسلامي في مدينة شيبرون من مدن جاوا الأندينوسية. وليس لهذا التوهم محلّ في مجال الآيات ومقامها ومداها على ضوء الشرح المتقدم. وهذا الوهم آت من فكرة محاولة تطبيق النظريات الفنية على الآيات القرآنية أو استنباط النظريات الفنية من هذه الآيات وهي فكرة لا طائل من ورائها ولا سواغ لها على ما نبهنا عليه في تفسير سورة القيامة. مع التنبيه على أنه ليس في القرآن نصوص تتعارض مع محاولات البشر المذكورة بل إن فيه حضّا على ذلك وإن كان غير مباشر من حيث أن الله آذن البشر في القرآن بأنه سخّر لهم ما في السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم وإن ذلك يوجب عليهم بذل الجهد في الانتفاع بما سخره لهم بمختلف الوسائل وعلى مختلف المستويات «١» والله تعالى أعلم.