الإيمان بالله وكسب رضائه ونيل غفرانه يضمن لصاحبه المتاع الحسن والحياة السعيدة في الدنيا فضلا عن حسن العاقبة في الآخرة.
تعليق على ما يبدو من كلام النبي ﷺ المباشر للناس
والآيات الثلاث الأخيرة كأنما هي موجهة من النبي ﷺ إلى الناس، والآية الثانية صريحة بذلك. وقد تكرر هذا الأسلوب أكثر من مرة، والمتبادر أن هذا على اعتبار أن النبي ﷺ هو الذي يخاطب الناس. وجملة وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ معطوفة على أَلَّا تَعْبُدُوا والعبارة تفيد أن كتاب الله قد أنزل داعيا إلى نبذ عبادة غير الله واستغفاره، وآمرا النبي ﷺ بالقول للناس إني لكم منه نذير وبشير. فليس في الآيات والحالة هذه أي إشكال. ومع ذلك فإن المؤولين والمفسرين يفرضون محذوفا وهو (قل) وهذا سديد متسق مع الحقيقة الإيمانية المقررة بأن جميع ما في القرآن وحي رباني وكلام الله. وهناك آيات كثيرة سبقتها كلمة (قل) ولولا ذلك لبدا ما فيها كأنما هو تقرير مباشر من النبي صلى الله عليه وسلم. وقد مرّت أمثلة لذلك في السور التي سبق تفسيرها ومن ذلك آيات عديدة في سورة يونس السابقة لهذه السورة مثل الآيات [١٥ و ١٦ و ٣١ و ٣٣ و ٣٤ و ٣٥ و ٣٨ و ٤١ و ٥٠ و ٥٢ و ٥٧ و ٥٨ و ١٠٣ و ١٠٥]. وفي سورة النمل مثال فيه توضيح أكثر. ففيها هذه الآيات:
إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٣) فالمتبادر أن كلمة (قل) في الآيتين الثانية والثالثة مقدرة واردة بالنسبة لما في الآية الأولى والشطر الأول من الآية الثانية من كلام يوهم أنه كلام النبي المباشر. وعلى كل حال ففي هذا الأسلوب صورة من صور الوحي والنظم القرآني كما هو المتبادر أيضا.
[سورة هود (١١) : الآيات ٥ الى ٦]
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٦)