مشتق من (لقم) وهذا وذاك قد يدلان على عروبة المسمى. ولقد ذكرت الروايات «١» أن النبي ﷺ لقي في مكة زعيما من زعماء الأعراب اسمه سويد بن الصامت فدعاه إلى الإسلام فقال له: لعلك تدعو إلى دعوة لقمان وإن معي مجلته ثم تلا ما فيها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هذا حسن ولكن اسمع مني كلام الله فهو أحسن.
ولا بد من أن تكون مجلة لقمان عربية اللغة كما هو المتبادر مما يمكن أن يرجح أصله العربي. ولقد أورد المفسرون بعض أقواله ونوادره والامتحانات الربانية التي تعرض لها، عزوا إلى علماء السير والأخبار «٢». منها المعقول ومنها الغريب.
وتدل على كل حال على أن اسم لقمان وأخباره مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ما جاء عنه في القرآن مما كان متسقا مع ما يعرفونه عنه وعن حكمته.
ومما أورده ابن كثير عنه أن رجلا وقف عليه فقال له: (أنت لقمان عبد بني الحسحاس؟ قال نعم، قال أنت راعي الغنم؟ قال نعم. قال أنت الأسود؟ قال أما سوادي فظاهر. فما الذي يعجبك من أمري؟ قال وطء الناس بساطك، وغشيانهم بابك، ورضاؤهم بقولك. قال له يا ابن أخي إن صغيت إلى ما أقول لك كنت كذلك. ثم قال: «غضّي بصري وكفّي لساني وعفة طعمتي وحفظي فرجي وصدقي بقولي ووفائي بعهدي وتكريمي لضيفي وحفظي جاري وتركي ما لا يعنيني. ذاك الذي صيرني إلى ما ترى». ومما أورده الطبري «إن مولاه أمره بذبح شاة وإخراج أطيب مضغتين فيها فأتاه بلسانها وقلبها. ثم أمره بذبح شاة أخرى وإخراج أخبث ما فيها. فأتاه بلسانها وقلبها. فسأله مولاه فقال له ليس أطيب منهما إن طابا ولا أخبث منهما إن خبثا». وهذا متسق مع ما يقرره القرآن بأسلوبه الرائع من الحكمة التي آتاه الله إياها.
وحكاية مواعظ لقمان لابنه ليس من شأنها بطبيعة الحال أن تفقد الآيات وأسلوبها قوة ما احتوته من المبادئ وروعة الأسلوب ولذعته سواء أفي التنفير من الكبر والخيلاء وسلاطة اللسان أم في الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن
(٢) انظر كتب التفسير المذكورة سابقا.