فيرتدوا وإما أن يصبروا حتى يودي الصبر بحياتهم. وقد وقعت الصورتان في بعض الذين آمنوا على ما روته الروايات وأشير إليه في سورة البروج ثم في بعض آيات سورة النحل هذه على ما سوف يأتي شرحه بعد. وليس في الصبر حتى الموت مصلحة للمسلمين، والخوف من انهيار الأعصاب واقع فليس في التفادي من الصورتين محل للغمز بل فيه دليل على تعلق المهاجرين بدينهم وتضحيتهم في سبيله بوطنهم وأموالهم لأن منهم من كان غنيا وهذا مستوجب للثناء والإعجاب. وكانت الهجرة بإذن النبي وإلهام القرآن وأسلوب الآيتين دليل على أن عملهم كان مستحقا للثناء حقا، وهو حاسم لأنه وحي الله الذي بلغه رسوله.
والغريب أن الغامزين يتجاهلون صورة واقعة متكررة في كل ظرف ومكان منذ الأجيال البشرية الأولى إلى الآن وإلى ما شاء الله بسبيل شفاء غلّ النفس بالتعليق والغمز.
[سورة النحل (١٦) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)
. (١) أهل الذكر: كناية عن أهل الكتاب.
(٢) البيّنات: الآيات الواضحة أو المعجزات.
(٣) الزبر: جمع زبور بمعنى الكتاب والكتب.
(٤) الذكر: كناية عن القرآن وقد وصف القرآن بالذكر في آيات عديدة مرّ بعضها.
في الآيتين تقرير:
١- بأن الله تعالى لم يرسل من قبل النبي ﷺ رسلا إلى البشر إلّا رجالا