هي أن النبي ﷺ ذهب مع بعض أصحابه إلى حي بني النضير ليستعين بهم على ديّة قتيل كان بين قومه وبين النبي، وبين قومه وبين بني النضير في الوقت نفسه حلف وعهد وجوار جريا على التقاليد الجارية فتظاهروا بالاستعداد لتلبية طلبه وقالوا لبعضهم إنكم لن تجدوا فرصة أحسن من هذه الفرصة لاغتياله وأخذوا يدبرون طريقة لذلك فارتاب النبي في حركتهم فانسحب بسلام وأرسل إليهم في اليوم التالي إنذارا بالجلاء في ظرف عشرة أيام على أن يأخذوا أموالهم المنقولة ويقيموا وكلاء على أراضيهم وبساتينهم. وكانوا حلفاء لقوم كبير المنافقين عبد الله بن أبي فاستشاروهم فحرضوهم على الرفض ووعدوهم بالنصر فاغتروا ورفضوا فحاصرهم النبي وضيّق عليهم وأمر بقطع بعض نخيلهم إرغاما وإرهابا. ولم يجد المنافقون من حلفائهم وفاء بما وعدوهم به من النصر فاستولى الرعب عليهم ورضوا بالجلاء بشروط أشدّ من الأولى بسبب تمردهم وعنادهم وهي تسليم سلاحهم وتنازلهم عن أراضيهم وبساتينهم وحمل منقولاتهم فقط.
وفي آيات آتية من السورة إشارة إلى ما كان من قطع النبي لبعض نخيلهم وإلى ما كان من مواقف المنافقين حلفائهم حيث يتسّق ذلك مع الروايات التي أوجزناها.
ومما روته الروايات أن بني النضير أرادوا إظهار الزهو والخيلاء وهم يخرجون حيث كانت قيانهم يعزفن وأصحاب الدفوف والمزامير يضربون بدفوفهم ومزاميرهم وأنهم هدموا بيوتهم وحملوا سقفها وعضائدها وأبوابها وأن اثنين منهم أسلما فبقيا حيث هم سالمة لهم أموالهم وأن منهم من ذهب إلى بلاد الشام ومنهم من ذهب إلى خيبر فأقام مع يهودها، ومن هؤلاء زعماؤهم الذين تزعموا يهود خيبر. وقد هدموا بيوتهم ونزعوا الأعمدة والأبواب الخشبية منها وحملوها لئلا ينتفع بها المسلمون، جاء المسلمون فأتموا تخريب هذه البيوت وهذا ما تضمنته جملة بُيُوتَهُمْ