رسول الله على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوا حدّهم» «١».
والحديث كما هو واضح قد صدر من عائشة بعد مدة طويلة من الحادث.
غير أن هذا ليس من شأنه أن يضعف من صحة جميع ما جاء فيه. وفي الروايات بعض تفصيلات لم ترد فيه، منها أن الغزوة التي وقع الحادث أثناءها هي غزوة بني المصطلق أو المريسيع «٢» وأن الذين خاضوا في الحديث أكثر من غيرهم وأوقع النبي عليهم الحدّ حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش. وهناك رواية تذكر أن الذي تولّى كبره هو حسان بينما هناك رواية تذكر أنه عبد الله بن أبي بن سلول «٣». ومن العجيب أن الروايات لم تذكر أن النبي أقام الحدّ على عبد الله بن أبي بن سلول. وحديث عائشة الذي رواه الترمذي يذكر أن الذين أقيم عليهم الحد رجلان وامرأة. فالظاهر أن عبد الله بن أبي بن سلول لعب دوره بمهارة وأن الذين تورّطوا في الحديث هم الثلاثة المذكورون. ولقد روى المفسرون أن ابن سلول كان يجمع الكلام ويستوشيه حتى دخل في أذهان الناس فتكلموا به وجوزه آخرون منهم وأن هذا المسلك كان مما درأ عنه الحد لأنه لم يصدر منه قذف صريح «٤».
ولقد روي «٥» أنه وقعت ملاحاة ومشادة بين بعض المهاجرين والأنصار من الخزرج من أقارب ابن سلول في أثناء غزوة المريسيع وجعلت هذا يظهر ما في صدره من حنق وغيظ ضد النبي ﷺ والمهاجرين ويهدد ويتوعد وكان لذلك أثر
(٢) طبقات ابن سعد ج ٣ ص ١٠٤- ١٠٦ وبنو المصطلق قبيلة عربية. والمريسيع اسم ماء.
والوقعة سميت بكلا الاسمين ولا تناقض في ذلك.
(٣) انظر تفسير الطبري والبغوي والخازن والطبرسي وابن كثير والزمخشري والقاسمي.
(٤) المصدر نفسه.
(٥) انظر طبقات ابن سعد ج ٣ ص ١٠٤- ١٠٧ والتاج ج ٤ ص ٢٣٥- ٢٣٧.
الجزء الثامن من التفسير الحديث ٢٥