ولقد روى الطبري حديثا ذا مغزى مهم جاء فيه «إن عبد الرحمن بن عوف قال للنبي ﷺ حينما نهى عن خلوة الرجال بالنساء إلا مع محرم وعن دخول الرجال في غيبة أزواجهن يا رسول الله إنا نغيب ويكون أضياف فقال له ليس أولئك عنيت ليس أولئك عنيت» حيث يستفاد من هذا أن النهي يستهدف المتهمين ودرء الفتنة والريب كما قلنا قبل.
٥- روى الشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال «لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلّا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه» «١» والشاهد في الحديث الفقرة الأخيرة. وهذا حق فالبيت مشترك والحياة الزوجية شركة. والوفاق والتفاهم واجبان فيها. ومخالفة هذا الأدب يثير الريب والشقاق.
ومع ذلك فليس في الحديث ما يمنع استقبال الزوجة للرجال وفق التقريرات المشروحة إذا ما حصلت على إذن زوجها. وقد علل الشراح الشطر الأول من الحديث بأن الصوم المنهي عنه صوم تطوعي والرجل قد يحتاج إلى زوجته في النهار فيجب أن يكون صومها هذا بإذنه. وليس هذا واردا بالنسبة لصوم رمضان.
٦- روى الترمذي حديثا عن الأحوص جاء فيه «إن من حقّكم على نسائكم ألا يوطئن فراشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون» «٢». والحظر هو إذن الزوجة لمن يكرهه زوجها وإجلاسه على فرشه. وليس مطلقا كما هو واضح.
وهذا مثل سابقه أدب رفيع يجب الالتزام به وهو مرتب على الشراكة الزوجية المتوافقة. وما قلناه في صدد السابق يقال هنا أيضا.
ونعلق تعليقا إجماليا فنقول إنه ليس في الآيات والأحاديث ما يمنع دخول النساء والرجال على بعضهم واجتماعهم ببعضهم في نطاق التلقينات والرسوم والآداب المشروحة. وهناك أحاديث كثيرة وردت في الكتب الخمسة وغيرها تفيد أن الرجال والنساء كانوا يدخلون على بعضهم ويجتمعون ببعضهم في مجالس النبي
(٢) المصدر نفسه ص ٢٨٦.