وسابقاتها ويكون وضعها بعدها بسبب ذلك إذا لم تكن نزلت بعدها مباشرة.
وعلى كل حال فإن هناك تناسبا موضوعيّا بين الآية وسابقاتها من حيث احتواؤها تأديبا وتعليما للمسلمين. ويصح أن يكون ذلك سبب وضعها بعده أيضا. والله أعلم.
وإطلاق الخطاب في الآية يجعل التأديب والتنويه والتطييب الذي احتوته عام الشمول في المواقف والمناسبات المماثلة كما هو واضح.
ويمكن أن يلمح في الفقرة الثانية بالإضافة إلى معنى التطييب معنى الإشادة بطبقتي العلماء والورعين وإيجاب تقديمهما على غيرهما، كما يمكن أن يلمح فيها تلقين روحي بليغ المدى بكون رفعة القدر إنما يجب أن تلتمس بالخلق الكريم والذوق السليم والأدب في المجالس وبالعقل والعلم وليس بالمظاهر والبروز في المجالس.
ولقد أورد المفسرون «١» أحاديث نبوية عديدة في سياق هذه الآية وما فيها من تأديب وتلقين. منها ما ورد في الكتب الخمسة ومنها ما ورد في غيرها. وما ورد في غيرها لا يبعد عمّا ورد فيها. منها حديث عن ابن عمر قال «قال النبي ﷺ لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ولكن تفسّحوا وتوسّعوا» «٢». وحديث عن عبد الله بن مسعود قال «قال رسول الله ﷺ لا يقيمنّ أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا» «٣». وحديث عن أبي هريرة قال «قال النبي ﷺ لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه. ولكن افسحوا يفسح الله لكم» «٤». وحديث رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو قال «قال رسول الله ﷺ لا يحلّ لرجل أن يفرّق بين اثنين إلّا بإذنهما» «٥». وقد روى الإمام أبو عبيد بن القاسم بن سلام عن

(١) الطبري والخازن وابن كثير والبغوي والزمخشري.
(٢) النص من ابن كثير.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) المصدر نفسه.
(٥) المصدر نفسه.


الصفحة التالية
Icon