ابن عمر «أن النبي ﷺ نهى عن أن يخلف الرجل الرجل في مجلسه إذا قام وإذا رجع فهو أحق به» «١».
وليس من تناقض بين النهي عن أن يقيم الرجل من مجلسه والأمر بالنشوز إذا قيل للجالسين انشزوا. فهذا على الأغلب قد منح للنبي ﷺ لإجلاس الناس في مراتبهم ويظل منوطا بمن يكون في مقامه بعده على ما هو المتبادر. أما حديث ابن عمر فالمتبادر منه هو النهي عن الجلوس في مجلس شخص قام لضرورة على أن يعود.
ولقد تطرق المفسرون إلى القيام للقادم احتراما وترتيب الناس في مجالسهم فرووا روايات عديدة أخرى، منها ما يفيد ترخيص القيام حيث روي أن النبي ﷺ قال للأوس حينما استدعى زعيمهم سعد بن معاذ ليحكم في قضية بني قريظة «قوموا لسيّدكم» «٢» ومنها ما يفيد منع القيام حيث روي «أن معاوية خرج على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير فقال معاوية لابن عامر:
اجلس فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول من أحبّ أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار، وفي رواية من سرّه بدلا من أحبّ» «٣». وقد روى أبو داود وابن ماجه حديثا عن أبي أمامة قال «خرج علينا رسول الله ﷺ متوكئا على عصا فقمنا إليه فقال لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظّم بعضها بعضا» «٤». وروى الترمذي عن أنس قال «لم يكن شخص أحبّ إليهم من النبي ﷺ وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك» «٥» وجاء في السنن «أن رسول الله ﷺ كان يجلس حيث انتهى به المجلس ولكن حيث يجلس يكون صدر المجلس فكان الصحابة رضي الله عنهم يجلسون منه على مراتبهم فالصدّيق عن يمينه وعمر عن يساره وبين يديه
(٢) أورده ابن كثير. وهذا النص مما رواه الشيخان وأبو داود عن أبي سعيد الخدري انظر التاج ج ٥ ص ٢٣١.
(٣) من ابن كثير. والنص مما رواه أبو داود والترمذي انظر التاج ج ٥ ص ٢٢٣ أيضا.
(٤) التاج ج ٥ ص ٢٣٢.
(٥) المصدر نفسه ص ٢٣٢.