الفاسقين المتهمين بصدقهم وإخلاصهم. فلا يستعجلوا في التصديق والحكم فيتهموا أناسا أبرياء من غير يقين. ويصيبوهم بالأذى فيصبحوا نادمين حينما تظهر براءتهم.
(٢) وتنبيه تعقيبي على هذا الأمر، فعلى المسلمين أن يعتبروا برسول الله ﷺ الموجود بينهم فلو أنه يصدق كثيرا مما يقال له ويأخذ به لنالهم شدائد ومشاق كثيرة. وأن الله قد منّ عليهم أيضا بفضله ونعمته فحبب إليهم الإيمان وزينه وكره إليهم الكفر والعصيان لأوامر الله ورسوله والانحراف عن ذلك. ومن يتحقق فيه ذلك فهم الراشدون. والله عليم بكل شيء حكيم في ما يأمر به ويقرره.
تعليق على الآيات يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا... إلى نهاية الآية الثامنة وما فيها من تلقين
لقد روى المفسرون «١» روايات مختلفة الصيغ متفقة المدى للمناسبة التي نزلت فيها الآيات. منها رواية يرويها الطبري عن أم سلمة قالت إن النبي ﷺ بعد قليل من عودته من غزوة بني المصطلق التي كان من نتائجها المباركة تزوّج النبي ﷺ ببنت زعيمهم ودخولهم في الإسلام أن بعث رجلا لجباية صدقاتهم فهرعوا إلى مقابلته تعظيما لرسول الله فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله فرجع وقال لرسول الله ﷺ إنهم منعوا الصدقات وأرادوا قتله فغضب رسول الله واعتزم على إرسال بعث عليهم وبلغ القوم فأتوه ووجدوه يصلّي الظهر فتصافوا أمامه وصاروا يقولون نعوذ بالله من سخط الله ورسوله بعثت إلينا مصدّقا فسررنا وقرّت أعيننا ثم رجع من بعض الطريق فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله ورسوله فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال وأذّن لصلاة العصر فنزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ... إلخ وروى الطبري وغيره صيغا أخرى فيها اسم الرجل الذي بعثه رسول الله وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وإنه قال لرسول الله إن بني المصطلق