ارتدوا عن الإسلام وأرادوا قتلي مع أنهم رجعوا، وسلموه صدقاتهم وإن كان بينه وبينهم إحنة في الجاهلية فأراد أن يضربهم بما قاله عنهم. وإن النبي ﷺ أرسل خالد بن الوليد ينظر في أمرهم وينكل بهم وأوصاه بالتثبيت وعدم التعجل. فانطلق حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه فرجعوا فأخبروه أن الجماعة متمسكون بالإسلام وأنهم سمعوا أذانهم وصلاتهم. فلما أصبحوا أتاهم خالد فرأى الذي أعجبه فرجع إلى رسول الله فأخبره الخبر فأنزل الله الآية.
والروايات لم ترد في كتب الأحاديث المعتبرة والذي نلحظه أن الآيات نعتت المخبر بالفاسق. ويصعب أن يصدق هذا على رسول وثق به النبي صلى الله عليه وسلم. ولا سيما أنه من المهاجرين وابن رجل كان شديد المناوأة للنبي فانفصل عن أبيه والتحق بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ومهما يكن من أمر فالآيات تلهم أنها نزلت في حادث ما أخبر به مخبر غير موثوق به لو صدّقه النبي ﷺ والمسلمون لترتب عليه ظلم أناس أبرياء. على أن الإطلاق في الآية الأولى أولا ومجيئها بعد الآيات التأديبية والتعليمية السابقة ثانيا يجعل من المحتمل أن يكون بينها وبين سابقاتها صلة نزول ووحدة سياق، ويسوّغ التخمين أن الحادث قد وقع قبل نزول السورة فكان وسيلة للتنبيه والتحذير في سياق فصول التعليم والتأديب التي احتوتها السورة.
والآيات تحتوي بطبيعة الحال تعليما وتأديبا عامين مستمري التلقين والشمول وذوي خطورة عظيمة أخلاقية واجتماعية لا تخفى. ولعل في الآيتين الثانية والثالثة توكيدا لهذه الخطورة وتلقينها. لأن التثبت يكون أوجب وأوكد في الظروف التي لا يكون فيها نبي مشمول برعاية الله تعالى وتسديده وإلهامه ووحيه، وذو نفوذ روحي عظيم على أتباعه. ولقد روى الترمذي «أن أبا سعيد الخدري قرأ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ثم قال هذا نبيكم يوحى إليه وأخيار أئمتكم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتم فكيف بكم اليوم» «١» مما فيه تدعيم