المسلمين وبخاصة بسبب شروط الصلح ثم سكون نفوسهم بما كان من تطمين النبي ﷺ وتثبيته وموقفه الحازم الملهم من الله.
ولعل في الآية الثالثة صورة لما كان يدور في خلد من تخلّف في المدينة من المنافقين وفي خلد المشركين من غلبة الظن بهلاك المسلمين وتعرضهم لضربة شديدة وارتدادهم مخذولين من رحلتهم. بل كان هذا مما دار في خلد بعض القبائل التي كانت أسلمت أيضا على ما سيأتي بيان صريح عنه.
ولقد عزا المفسرون إلى ابن عباس أن جملة لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ هي بمعنى (ليزدادوا إيمانا وتصديقا بشرائع الله بعد إيمانهم بالله وتوحيده) «١». وقال ابن كثير إن البخاري وغيره من الأئمة استدلوا بهذه الآية على تفاضل الإيمان في القلوب. ومع ما في قول ابن عباس من سداد بوجه عام فإن ما أوردناه قبل من شرح للآية هو المتبادر أكثر والله أعلم. ولسنا نرى في الآية دلالة على تفاضل الإيمان لذاته.
والجملة لم تأت هنا لأول مرة. بل جاءت في سورة المدثر المكية ثم في سور آل عمران والأنفال والأحزاب. وقد علقنا عليها في سورة المدثر بما فيه الكفاية.
ويلفت النظر إلى اختصاص المؤمنات والمشركات والمنافقات بالذكر إلى جانب المؤمنين والمشركين والمنافقين وقد سبق هذا في سورة الأحزاب أيضا حيث ينطوي في ذلك توكيد بأن المرأة العربية في الدعوة الإسلامية وظروفها ومختلف صورها كانت ذات شخصية مستقلة.
[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ٨ الى ٩]
إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩)
. (١) تعزروه: تنصروه وتعززوه.

(١) انظر البغوي والخازن وابن كثير والزمخشري والطبرسي.


الصفحة التالية
Icon