تكرارها للمقصد ذاته بسبب تكرر الموقف وإن اختلف الأشخاص والأحداث فيه، والله تعالى أعلم.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٠]
إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١٠)
. تعليق على الآية إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ وما ينطوي فيها من صور وتلقين
المستفاد من شرح المفسرين «١» أن هذه الآية تعني المبايعة التي بايع بها المسلمون النبي ﷺ تحت الشجرة في الحديبية: ومع أن في السورة آية أخرى فيها إيذان برضاء الله عن الذين بايعوا النبي ﷺ تحت الشجرة فلا يمنع أن تكون هذه الآية أيضا في الصدد نفسه لمعنى آخر غير المعنى الذي عبرت عنه الآية المذكورة.
وعلى كل حال فالمتبادر أن الآية متصلة بالسياق السابق وبالآيتين السابقتين مباشرة لها بخاصة. وعلى سبيل توكيد واجب المسلمين المذكور في الثانية منهما.
وكأنما جاءت معقبة على ذلك لتؤذن المسلمين أولا أنهم وإن كانوا بايعوا النبي ﷺ فإنما هم في الحقيقة قد بايعوا الله الذي كانت يده فوق أيديهم. ولتنبههم ثانيا إلى خطورة العهد الذي قطعوه على أنفسهم أمام الله في البيعة على نصر دين الله وما يستلزمه هذا من الثقة والرضاء بكل ما يلهمه ويوحي به إلى رسوله والوقوف عنده. ولتنذرهم ولتبشرهم ثالثا بأن من نكث عن بيعته وفعل ما ينقضها فإنما يكون بذلك قد أضرّ نفسه وبأن من أوفى بما عاهد الله عليه يحظى بعظيم الأجر من الله.
وقد تلهم الآية خطورة ما كان عليه الموقف في الحديبية وما كان من شدة وقع شروط الصلح على المسلمين حيث اقتضت حكمة التنزيل هذا الإيذان والتنبيه

(١) انظر الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.


الصفحة التالية
Icon