التي حكيت في الأولى عن المتخلفين والتي أمر النبي بأن يقولها لهم في الثانية سابقة على المواجهة. ومن قبيل ما سوف يكون حين المواجهة. وتكون الآيتان والحالة هذه تتمة أو استمرارا للسياق السابق. وقد نزلتا معا في أثناء طريق عودة النبي ﷺ والمسلمين إلى المدينة من الحديبية.
وفي الآية الأولى صورة من صور الأعراب في مطامعهم وتناقضهم حيث يتخلفون حين الخطر عن اتباع النبي ﷺ والمسلمين ويعتذرون بالأعذار الكاذبة ثم يطلبون منهم السماح لهم باتباعهم في الرحلات التي تكون الغنائم والسلامة فيها مضمونتين. فإذا منعوا من ذلك سخطوا واتهموا مانعيهم بالحسد. وفي هذا ما فيه من قلة الشعور وحسن الإدراك.
والمتبادر أن المتخلفين المذكورين في هذه الآيات هم نفس المتخلفين المذكورين في الآيات السابقة أو منهم. ولم يرو المفسرون روايات خاصة في صدد هذه الآيات حيث يؤيد هذا ما قلناه من وحدة السياق وظروف النزول، والله أعلم.
وفي الآية الثانية إيذان رباني بعدم رضاء الله عن هذه الحالة. وإيجاب عدم السماح لهم إذا انطلق المسلمون إلى رحلة مضمونة النجاح والغنائم والسلامة كعقوبة لهم. ثم إتاحة فرصة اختبارية لهم حيث يؤذنون قبل ذلك بأنهم سيدعون إلى قتال قوم أشداء البأس من أعداء المسلمين. وحينئذ ينكشف أمرهم. فإن أطاعوا استحقوا أجر الله العظيم وإن تولوا كما تولوا من قبل وتخلفوا حقّ عليهم عذاب الله الأليم.
ولقد قيل «١» إن جملتي يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ وكَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ تعطفان على آيات وردت في سورة التوبة في حق المتخلفين وهي فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ