فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (٨٣). وقيل «١» إن الله أمر نبيه بأن لا يسمح لهم بالذهاب معه إلى رحلة فيها مغانم وأن لا تكون مثل هذه الرحلة إلّا للذين شهدوا الحديبية.
والقول الأول بعيد لأن آيات التوبة نزلت في ظروف غزوة تبوك في السنة الهجرية التاسعة على ما هو متفق عليه. وقد فنده غير واحد من المفسرين بناء على ذلك «٢». والقول الثاني هو الأوجه. ويكون ما جاء في الجملتين إما أنه نزل قرآنا في سورة الفتح أو غيرها في مناسبة ما ثم نسخ ورفع لحكمة ربانية وإما أنه إلهام رباني ووحي غير قرآني، ثم أيده القرآن في الجملتين. وهذا مما تكرر على ما نبهنا عليه في مناسبات سابقة.
ولقد قال المفسرون عزوا إلى بعض التابعين: إن المغانم المذكورة في الآية الأولى هي مغانم خيبر وإن الله قد وعد بها الذين شهدوا الحديبية خاصة عوضا عن غنائم أهل مكة إذ انصرفوا عنهم على صلح ولم يصيبوا منهم شيئا. وإن الله قد أمر نبيه أن لا يسير معه إلى خيبر غيرهم «٣».
والزحف على خيبر قد وقع بعد العودة من الحديبية بشهرين في رواية وبخمسة أشهر في رواية أخرى. ولم يذكر كتّاب السيرة القدماء أن شهودها اقتصروا على من شهد الحديبية «٤». حتى ولم يذكر ذلك المفسرون الذين رووا قصة وقعة خيبر «٥». هذا إلى ما هو ظاهر من أن أسلوب الآيتين اللتين نحن في

(١) انظر الطبري والطبرسي والبغوي والخازن وابن كثير والزمخشري لقد أوردوا القولين وبعضهم فند الأول.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) تفسير البغوي والطبري وابن كثير والخازن والطبرسي والزمخشري.
(٤) انظر ابن سعد ج ٣ ص ١٥٣- ١٦٣ وابن هشام ج ٣ ص ٣٧٨- ٤٠٠.
(٥) انظر كتب التفسير السابقة الذكر.


الصفحة التالية
Icon