ركب رسول الله فأفاض إلى البيت وصلّى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم «١» فناولوه دلوا فشرب منه».
وروى الشيخان وأحمد عن ابن عباس حديثا فيه بعض أقوال لرسول الله ﷺ في حجة وداعه جاء فيه: «إنّ رسول الله ﷺ خطب الناس يوم النحر فقال يا أيها الناس أيّ يوم هذا قالوا يوم حرام. قال فأيّ بلد هذا قالوا بلد حرام. قال فأيّ شهر هذا قالوا شهر حرام قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال اللهمّ هل بلّغت اللهمّ هل بلّغت فليبلّغ الشاهد الغائب. لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. قال ابن عباس فو الذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته» «٢».
وفي رواية «وقف النبي ﷺ يوم النحر بين الجمرات في حجّته التي حجّ بها وقال هذا يوم الحجّ الأكبر. وطفق يقول اللهمّ اشهد. وودّع الناس فقالوا هذه حجّة الوداع» «٣».
وفي كل من سيرة ابن هشام وطبقات ابن سعد «٤» فصل طويل مسلسل الرواة إلى أحد أصحاب رسول الله أو تابعيهم متطابق مع هذا الحديث مع بعض زيادات مهمة فيها تعليم وتشريع وتهذيب. فمما جاء في فضله في طبقات ابن سعد أن رسول الله ﷺ حينما شاهد الكعبة عند قدومه إلى مكة قال: «اللهمّ زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من عظّمه ممن حجّه واعتمره تشريفا وتكريما ومهابة وتعظيما وبرّا» وأنه وقف بالهضاب في عرفات وقال: «كل عرفة موقف إلا بطن عرفة». وحينما جاء إلى المزدلفة قال: «كل المزدلفة موقف إلا بطن محسر»

(١) كانت وظيفة السقاية بيد العباس بن عبد المطلب والمتبادر أن النبي ﷺ خشي أن يعتبر المسلمون ذلك سنّة لهم أيضا.
(٢) التاج ج ٢ ص ١٣٥ و ١٣٦.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) الجزء الرابع من سيرة ابن هشام ص ٢٧٢- ٢٧٧ والجزء الثالث من ابن سعد ص ٢٢٥- ٢٤٠.


الصفحة التالية
Icon