له حتى لان ثم أعطته إياه فاستنّ كأشد ما رأته يستنّ بسواك قط «١». ومما رواه ابن هشام مسلسلا إلى عبد الله بن عباس أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله في وجعه فسأله الناس كيف أصبح رسول الله ﷺ قال أصبح بحمد الله بارئا فأخذ العباس بيده وقال له: أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول الله ﷺ كما كنت أعرفه في وجوه بني عبد المطلب. فانطلق بنا إلى رسول الله فإن كان هذا الأمر فينا عرفناه ولئن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا الناس. فقال عليّ إني والله لا أفعل. والله لئن منعناه لا يؤتيناه أحد بعد. فتوفي رسول الله ﷺ حين اشتد الضّحاء من ذلك اليوم. كان مما رواه ابن هشام أنه لما مات النبي ﷺ قام عمر فقال إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي. وإن رسول الله ما مات. ولكنه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران. فقد غاب أربعين ليلة عن قومه ثم رجع إليهم بعد أن قيل مات. والله ليرجعن رسول الله ﷺ كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنه مات. وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول

(١) رويت أحاديث صحيحة عديدة عن آخر لحظات النبي صلى الله عليه وسلم. منها حديث رواه مسلم عن عائشة قالت: «سمعت رسول الله يقول قبل أن يموت وهو مسند إلى صدرها اللهمّ اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى» وحديث رواه مسلم كذلك عن عائشة قالت: «كنت أسمع أنه لن يموت نبي حتى يخيّر بين الدنيا والآخرة فسمعت النبي ﷺ في مرضه الذي مات فيه وأخذته بحّة يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا قالت فظننته خيّر حينئذ». وحديث رواه الشيخان عنها قالت: «كان رسول الله يقول وهو صحيح إنه لم يقبض نبيّ قط حتى يرى مقعده في الجنة ثم يخيّر. قالت فلما نزل برسول الله ﷺ ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف ثم قال اللهمّ الرفيق الأعلى قلت إذا لا يختارنا وعرفت الحديث الذي كان يذكره وهو صحيح فكان آخر كلمة تكلّم بها رسول الله اللهمّ الرفيق الأعلى» وحديث رواه البخاري عنها أيضا قالت: «إنّ رسول الله ﷺ كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء ويمسح بها وجهه ويقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده» الأحاديث من التاج ج ٣ ص ٢٦١.


الصفحة التالية
Icon