مِنْهُمْ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا كَانَ فِي حَرَمِ اللَّهِ» فَقَالُوا: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ «أَبُو رِغَالٍ فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ» وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَهُوَ عَلَى شرط مسلم.
قوله تعالى: وَإِلى ثَمُودَ أَيْ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى قَبِيلَةِ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ فجميع الرُّسُلِ يَدْعُونَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الْأَنْبِيَاءِ: ٢٥] وَقَالَ وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النَّحْلِ: ٣٦] وَقَوْلُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً أَيْ قَدْ جَاءَتْكُمْ حُجَّةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى صِدْقِ مَا جِئْتُكُمْ بِهِ وَكَانُوا هُمُ الَّذِينَ سَأَلُوا صَالِحًا أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ واقترحوا عليه بأن تَخْرُجَ لَهُمْ مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ عَيَّنُوهَا بِأَنْفُسِهِمْ وَهِيَ صَخْرَةٌ مُنْفَرِدَةٌ فِي نَاحِيَةِ الْحِجْرِ يُقَالُ لها الكاتبة فطلبوا منه أن تخرج لَهُمْ مِنْهَا نَاقَةً عُشَرَاءَ تَمْخَضُ «١» فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ صَالِحٌ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ لَئِنْ أَجَابَهُمُ اللَّهُ إِلَى سُؤَالِهِمْ وَأَجَابَهُمْ إِلَى طُلْبَتِهِمْ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَتْبَعُنَّهُ.
فَلَمَّا أَعْطَوْهُ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ قَامَ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى صِلَاتِهِ وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَرَّكَتْ تِلْكَ الصَّخْرَةُ ثُمَّ انْصَدَعَتْ عَنْ نَاقَةٍ جَوْفَاءَ وَبْرَاءَ يَتَحَرَّكُ جَنِينُهَا بَيْنَ جنبيها كما سألوا فعند ذلك آمن رئيسهم جُنْدَعُ بْنُ عَمْرٍو وَمَنْ كَانَ مَعَهُ عَلَى أَمْرِهِ وَأَرَادَ بَقِيَّةُ أَشْرَافِ ثَمُودَ أَنْ يُؤْمِنُوا فَصَدَّهُمْ ذُؤَابُ بْنُ عَمْرِو بْنِ لَبِيدٍ وَالْحُبَابُ صَاحِبُ أَوْثَانِهِمْ وَرَبَابُ بْنُ صَمْعَرَ بْنِ جَلْهَسَ وَكَانَ لِجُنْدَعِ بْنِ عَمْرٍو ابْنُ عَمٍّ يُقَالُ له: شهاب بن خليفة بن مخلاة بن لبيد بن جواس وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ ثَمُودَ وَأَفَاضِلِهَا فَأَرَادَ أَنْ يُسْلِمَ أَيْضًا فَنَهَاهُ أُولَئِكَ الرَّهْطُ فَأَطَاعَهُمْ فَقَالَ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ مُؤْمِنِي ثَمُودَ يُقَالُ له مهوش بن عثمة بن الدميل رحمه الله: [الوافر]
وَكَانَتْ عُصْبَةٌ مِنْ آلِ عَمْرٍو | إِلَى دِينِ النَّبِيِّ دَعَوْا شِهَابَا «٢» |
عَزِيزَ ثَمُودَ كُلَّهُمُ جَمِيعًا | فَهَمَّ بِأَنْ يُجِيبَ فَلَوْ أَجَابَا |
لَأَصْبَحَ صَالِحٌ فِينَا عَزِيزًا | وَمَا عَدَلُوا بِصَاحِبِهِمْ ذُؤَابَا |
وَلَكِنَّ الْغُوَاةَ مِنْ آلِ حُجْرٍ | تَوَلَّوْا بَعْدَ رُشْدِهِمُ ذئابا |
هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الشُّعَرَاءِ: ١٥٥] وكانت تسرح في بعض تلك الأودية
(٢) الأبيات في تفسير الطبري ٥/ ٥٣٢. وفيه: مهوس بن عثمة بن الدميل.