ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأول لما أنزل الله وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ شققن مروطهن فاختمرن بها «١». وَقَالَ أَيْضًا:
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ أَخَذْنَ أُزُرَهُنَّ فَشَقَقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنَا الزِّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ عَائِشَةَ قَالَتْ فَذَكَرْنَا نِسَاءَ قُرَيْشٍ وَفَضْلَهُنَّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنَّ لِنِسَاءِ قُرَيْشٍ لَفَضْلًا وَإِنِّي وَاللَّهِ ما رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ أَشَدَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ لَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النُّورِ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ انْقَلَبَ إِلَيْهِنَّ رِجَالُهُنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ فِيهَا وَيَتْلُو الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَابْنَتِهِ وأخته وعلى كل ذي قرابته فَمَا مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا قَامَتْ إِلَى مِرْطِهَا الْمُرَحَّلِ فَاعْتَجَرَتْ بِهِ تَصْدِيقًا وَإِيمَانًا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ، فَأَصْبَحْنَ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ معتجرات كأن على رؤوسهن الْغِرْبَانُ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ قُرَّةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ النِّسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ شَقَقْنَ أكتف مروطهن فاختمرن بها، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ «٣» مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ به.
وقوله تعالى وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أي أَزْوَاجَهُنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ كُلُّ هَؤُلَاءِ محارم للمرأة يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَظْهَرَ عَلَيْهِمْ بِزِينَتِهَا وَلَكِنْ من غير اقتصاء وتبهرج. وقد روى ابْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُوسَى يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ حتى فرغ منها وقال لَمْ يَذْكُرِ الْعَمَّ وَلَا الْخَالَ لِأَنَّهُمَا يُنْعَتَانِ لِأَبْنَائِهِمَا وَلَا تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ الْعَمِّ وَالْخَالِ، فَأَمَّا الزَّوْجُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ أَجْلِهِ فتتصنع له بما لَا يَكُونُ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ.
وَقَوْلُهُ أَوْ نِسائِهِنَّ يعني تظهر بزينتها أَيْضًا لِلنِّسَاءِ الْمُسَلِمَاتِ دُونَ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِئَلَّا تَصِفَهُنَّ لِرِجَالِهِنَّ. وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مَحْذُورًا فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ إِلَّا أَنَّهُ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَشَدُّ فَإِنَّهُنَّ لَا يَمْنَعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ وَأَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَإِنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ ذلك حرام فتنزجر عنه، وقد قال

(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٢٤، باب ١٢.
(٢) تفسير الطبري ٩/ ٣٠٦.
(٣) كتاب اللباس باب ٣٣. [.....]


الصفحة التالية
Icon