الْبُخَارِيِّ «خُسِفَ بِهِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ» وَقَدْ ذَكَرْتُ طُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ وَعَزْوَهُ فِي أَوَّلِ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ عِنْدَ ذِكْرِ خَلْقِ الْأَرْضِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَمَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى سَبْعَةِ أَقَالِيمَ فَقَدْ أَبْعَدَ النَّجْعَةَ وَأَغْرَقَ فِي النَّزْعِ وَخَالَفَ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ بِلَا مُسْتَنَدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سورة الحديد عند قوله تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ [الحديد: ٣] ذَكَرَ الْأَرَضِينَ السَّبْعَ وَبُعْدَ مَا بَيْنَهُنَّ وَكَثَافَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ. وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ وَكَذَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «ما السموات السَّبْعُ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ».
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تعالى: سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ قَالَ: لَوْ حَدَّثْتُكُمْ بِتَفْسِيرِهَا لَكَفَرْتُمْ، وَكُفْرُكُمْ تَكْذِيبُكُمْ بِهَا، وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْقُمِّيُّ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ الْخُزَاعِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:
قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ الْآيَةَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يُؤَمِّنُكَ إِنْ أَخْبَرْتُكَ بِهَا فَتَكْفُرُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٢» : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ قَالَ عَمْرٌو: قَالَ فِي كُلِّ أَرْضٍ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ وَنَحْوُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْخَلْقِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى فِي حَدِيثِهِ فِي كُلِّ سَمَاءٍ إِبْرَاهِيمُ، وروى الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ «الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ» هَذَا الْأَثَرَ عن ابن عباس بأبسط من هذا فقال: أنبأنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يعقوب، حدثنا عبيد بن غنام النخعي أنبأنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ قَالَ: سَبْعُ أَرَضِينَ فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ وَآدَمُ كَآدَمَ وَنُوحٌ كَنُوحٍ وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى كَعِيسَى.
ثُمَّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ قَالَ: فِي كُلِّ أَرْضٍ نَحْوُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِسْنَادُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحٌ وَهُوَ شَاذٌّ بِمُرَّةَ لَا أَعْلَمُ لِأَبِي الضُّحَى عَلَيْهِ مُتَابِعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا الْقُرَشِيُّ فِي كِتَابِهِ «التَّفَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ»، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ حَاتِمٍ الْمَدَائِنِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي دهرش قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ سُكُوتٌ لا يتكلمون
(٢) تفسير الطبري ١٢/ ١٤٥.