تصرفات في هذا المال وذلك المتاع؟ أيقبل السيد أن يكون لعبده يد على ما ملكت يده فلا يتصرف في شىء حتى يأخذ رضاه وموافقته؟ ذلك مالا يرضاه ولا يقبله سيد! وإلا فأين السيادة؟ وأين سلطانها المبسوط على ما بين يديها؟.
هذا، والأمر يجرى بين مخلوقين لله، من سادة وعبيد، وفي مال الله، وفيما رزق، وأنعم من نعم!.
فكيف إذا خرج هؤلاء المشركون عن دائرة أنفسهم، ينقلب هذا المنطق، حتى تنعكس هذه الصورة، وحتى يجعلوا خلقا من خلق الله، وعبيدا من عبيده، شركاء له، فيما ملك ملك خالص له، لم يفده من أحد، ولم يتلقه من مخلوق؟ كيف يقبل هذا الضلال عقل، ويطمئن إليه عاقل؟..
فهل مع هذا البيان الواضح المبين، ومع هذه الحجة الدامغة القاطعة، يقبل المشركون أن يكون مع الله شريك، يرجون رحمته، أو يخافون عذابه؟
قد يكون! وهو كائن فعلا، فما أكثر المشركين الذين عميت بصائرهم، وزاغت قلوبهم، فلم يروا، فى هذا البيان المبين، ولا في تلك الحجة القاطعة، ما يقيم لهم طريقا إلى الله..
وماذا تجدى الآيات، وماذا تغنى الحجج، إذا لم تجد الآذان المصغية، ولا العقول المدركة المستبصرة؟ «كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»..
فالعقلاء وحدهم، هم الذين ينتفعون بآيات الله، ويهتدون بهديها، يتلقون العبرة والعظة منها...
قوله تعالى:
«بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ. فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ» ؟.