أي أنهم كانوا كلما نزل بهم البلاء، وأحاط بهم الكرب، جاءوا إلى موسى يسألونه أن يرفع عنهم هذا البلاء، على أن يؤمنوا بالله الذي يؤمن به هو، ويدعوهم إليه..
وفى قوله تعالى: «يا أَيُّهَا السَّاحِرُ» - إشارة كاشفة عما فى نفوسهم من إصرار على الكفر، وإن نطقت ألسنتهم بالإيمان.. فهم لا يرون فى موسى إلا ساحرا كبيرا. وأنه قادر بسحره هذا على أن يسوق إليهم البلاء، وأن يمسكه إذا شاء.. فهم بهذه الصفة يتعاملون معه.. أما دعواه بأنه رسول من رب العالمين، فهذا ادعاء لم يصحّ عندهم، وإن قبلوه منه، فهو إلى أن ينكشف البلاء عنهم.. «وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ» (١٣٤- ١٣٥: الأعراف).
وفى قوله تعالى: «رَبَّكَ» - اعتراف ضمنى منهم، بأنهم على ما هم عليه من كفر بالله.. فهو رب موسى.. وليس ربّهم.. وهو الذي عهد إلى موسى بهذا السحر الذي بين يديه، وعلّمه إياه..
قوله تعالى:
«فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ».
أي فلما استجاب الله لموسى فيما طلبه من رفع البلاء عنهم، لم يستقيموا على العهد الذي عاهدوا موسى عليه، من الإيمان بالله، بعد رفع البلاء عنهم..
بل نكثوا العهد، وأمسكوا بما هم عليه من كفر..
قوله تعالى:
«وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ».