للأنام، وأقامها على هذا الوضع- قد هيأها الله سبحانه لتكون مأوى صالحا لحياة الإنسان، فأخرج منها فاكهة ونخلا ذات أكمام..
والأكمام: جمع كمّ، وهو الجراب الذي يضمّ طلع النخل، الذي يتكون منه الثمر..
«وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ»..
معطوف على قوله تعالى: «فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ» - أي وفيها الحبّ ذو العصف والريحان..
«وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ» هو الحبّ الذي يؤكل كالحنطة وغيرها..
والعصف، هو أوعية هذا الحب التي تنفصل عنه عند نضجه، فتكون حطاما وهشيما، كما فى قوله تعالى: «فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ»..
أما الريحان، فهو ذلك النبت الطيب الريح.. وهو إشارة إلى كل نبت طيب ريحه.. وفى هذا إشارة إلى أن الإنسان ليس مجرد حيوان يطلب حاجة الجسد من طعام وشراب وحسب، وإنما هو كائن أسمى من عالم الحيوان، لا يقف عند مطالب الجسد، بل إن لروحه مطالب لا تقل عن مطالب الجسد، وحاجته إلى ما يقيم وجوده..
فالريح الطيب ينعش النفوس، ويغذّى الأرواح..
وفى التعبير القرآنى بكلمة: «والريحان» عن النبت الطيب الريح، إشارة إلى أن اتجاه هذا النبت إنما هو إلى الروح.. فالريحان والروح من مادة واحدة لفظا، ومعنى!! وبعد هذا العرض الكاشف لرحمة الرحمن، وقدرته، وقيومته على هذا الوجود، علوه، وسفله، وخلقه الإنسان، وقد علمه البيان، ووضع بين يديه