ليوم القيامة، والعمل للحياة الأخرى، التي هى الحياة حقّا.. كما يقول سبحانه: «وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» (٦٤ العنكبوت) أما هذه الحياة الدنيا، وأما ما يتقلب فيه الناس منها، فهو فان لا بقاء له..
وقوله تعالى: «وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ» هو إلفات إلى الله سبحانه وتعالى، وأنّه الحىّ الباقي، الذي ينبغى أن تتجه إلى وجهه الوجوه، وتتعلق برضاه وكرمه الآمال، ويرجى عنده الخير كله.. فهو صاحب الملك، وبيده الخير، والفضل، والإكرام، لمن يقصدون وجهه، ويبتغون فضله وكرمه..
ويلاحظ أن صفة الجلال والكرم هنا، إنما كانت لوجه الله سبحانه، وذلك إشارة إلى أن الاتجاه إلى الله والإقبال عليه، من شأنه أن يفسح الطريق للعبد إلى رضاء الله، والإقبال عليه بوجهه سبحانه وتعالى، وهذا ما يشير إليه سبحانه وتعالى: «وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى وَلَسَوْفَ يَرْضى» (١٩- ٢١ الليل).
والسؤال هنا هو: هل هذا الفناء المسلط على الحياة الدنيا وما فيها- هل هو نعمة من النعم، حتى يدعى الإنس والجن إلى الإقرار بها وشكرانها؟..
ونعم، فإن هذا الفناء للدنيا، هو نعمة من أجلّ النعم، إذ كان مدخلا إلى حياة باقية خالدة.. ولو أن أمر الناس كان إلى تلك الحياة الدنيا وحدها، وليس لهم حياة أخرى بعدها، لكان فى ذلك الخسران المبين الناس جميعا،. إذ أن أسعد الناس حظا فى هذه الدنيا هو مبخوس الحظ،