وفى قوله تعالى: «وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ» - استدراك لما قد يقع فى الوهم من أنّ اتكاءهم على هذه الفرش، مما يباعد بينهم وبين ثمر هذه الجنة التي يتكئون تحت ظلالها، فإذا أراد أحدهم أن ينال من هذا الثمر شيئا، اضطر إلى أن يتحول عن هذا الوضع المريح له، وجلس، أو وقف، لينال الثمر الذي يريده.. وكلّا، فإن الثمر دان بحيث لا يتكلف له المتكئ شيئا، بل هو حاضر بين يديه، بتخير منه ما يشاء، متكئا، أو مضطجعا، أو نائما..!
والجنى: الثمر الناضج، وهو ما يجنى من شجره، ومنه الجنين، وهو ثمرة الحيوان، ويسمى بيض الطير جنّى لهذا المعنى..
قوله تعالى:
«فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ»..
وفى هاتين الجنتين كذلك، حور قاصرات الطرف، أي قصرن أعينهن عن النظر إلى غير ما أحل الله لهن، تقىّ وحياء وعفّة.. «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ» أي لم يقربهن، ولم يغش حماهنّ أحد من الإنس أو الجنّ، قبل أزواجهن الذين زففن إليهم فى الجنة، كما يقول سبحانه: «إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً لِأَصْحابِ الْيَمِينِ» (٣٥- ٣٨: الواقعة).
وفى إعادة الضمير جمعا على الجنتين فى قوله تعالى. «فِيهِنَّ» بدلا من «فيهما» إشارة إلى أن هاتين الجنتين، جنات فى سعتهما، وامتدادهما..
فهما- كما قلنا من قبل- جنة، وجنتان، وجنات..
والطمث: دم الحيض، والطامث: الحائض، ويسمى افتضاض البكر طمئا..


الصفحة التالية
Icon