والريح الصرصر، هى الريح العاصفة الباردة، القاتلة ببردها.
وفى قوله تعالى: «سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً» - إشارة إلى اشتمال العذاب عليهم هذا الزمن الذي تجرعوا فيه غصص الموت، قطرة قطرة..
وحصر عدد الليالى بسبع، وعدد الأيام بثمانية- إشارة إلى أن الأيام تسبق الليالى، وأن النهار يسبق الليل، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ» (٤٠: يس) »
..
فهذا هو كتاب الله الذي يصدّق بعضه بعضا، «وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً» (٨٢: النساء).
كما يشير هذا إلى أن العذاب وقع بالقوم نهارا، وجاءهم عيانا، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: «فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ» (٢٤: الأحقاف).
وقوله تعالى: «حسوما» صفة أيام، التي تحتوى فى كيانها الليالى أيضا لأن الأيام ثمانية، والليالى سبع.. فهو فى حقيقته صفة للأيام والليالى معا.
والحسوم، من الحسم، وهو القطع.. يقال حسم فلان الأمر: أي قطعه..
ومنه الحسام، وهو السيف، إذ أن من أفعاله أنه يحسم حياة من يضرب به.
وأعجاز النخل: أصولها، الممسكة بها على الأرض..
والخاوية: الجوفاء، التي فرغ جوفها، بعد موتها وجفافها.
وفى تشبيه القوم بأعجاز النخل- إشارة إلى ما كان عليه القوم من فراهة الأجسام، وضخامة الأبدان، وقوة الكيان، كما وصفهم الله سبحانه على لسان

(١) انظر فى هذا تفسيرنا لتلك الآية فى سورة «يس»


الصفحة التالية
Icon