والخير.. وفى هذا يقول الله تعالى: «لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً».
المرية: الشك والارتياب.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها، أنّها تعرض صورة لأهل الإيمان، وما فى نفوسهم من استعداد لتقبّله، والاستجابة له، بعد أن عرضت الآيات السابقة صورة لأهل الزيغ والضلال، ومن فى قلوبهم مرض..
والبيّنة هنا هى الاستبصار الذي يتعرف به الإنسان إلى الحق، مستهديا إليه بعقله، فيتعرف إلى الله، ويؤمن به، ولا دليل معه، سوى عقله، الذي ينظر به فى هذا الوجود، فيطلعه على أن لهذا الكون وللنظام الممسك به، إلها قديرا، عليما حكيما..
وكثير من الناس تعرفوا على الله، وآمنوا به، عن هذا الطريق، طريق النظر الشخصي، المنقطع عن دعوات الأنبياء، وتوجيهات الرسل.. ففى الإنسان فطرة، ومعه عقل من شأنهما أن يهدياه إلى الله، وأن يكشفا له الطريق إليه، لو أنه ظل محتفظا بسلامة فطرته، حارسا عقله من دوافع الهوى، ونزغات الشيطان..
- وفى قوله تعالى: «وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ» - ضميران:
الضمير الأول، فى «يتلوه» وهو يعود إلى البيّنة، بمعنى أنها برهان ودليل، أو بمعنى أنها نور من عند الله، يضىء القلوب، وينير البصائر..
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ» (٢٢: الزمر)..
ويكون معنى «يتلوه» : أي يجىء بعده، أي بعد هذا النور، أو هذا