«إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ.. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» (٧١- ٧٢: ص).
وهذا يشير إلى أن الله سبحانه وتعالى، قد لفت الملائكة أول الأمر إلى المرحلة الأولى من مراحل هذا الخلق الذي سيخرج من هذا الكائن البشرى..
وأن أول هذه المراحل، هى الطين.. وقد أخذ الملائكة منذ هذه اللفتة، يرقبون هذا الطين، ويلحظون مسيرته فى خط الحياة..
ثم حين انتقل الطين إلى مرحلة أخرى، هى مرحلة الصلصال، والحمأ المسنون- لفت سبحانه وتعالى الملائكة مرة أخرى إلى هذا التغيير الذي حدث للطين، والذي بدأ يأخذ طريقه متحركا نحو الغاية المؤدية إلى ظهور هذا الإنسان الذي ستلده الحياة المتولدة من هذا الطين، والذي يجب على الملائكة أن يستقبلوا مولده بالسجود فإن السجود لهذا المولود هو سجود لآيات الله، وما تجلى فيها من رائع حكمته وقدرته..
ويلاحظ أن هذين الأمرين الموجهين توجيها مباشرا إلى الملائكة بالسجود لآدم، يتضمنان الصفة التي يكون عليها هذا السجود، وهو أن يكون سجودا مستوليا على كيان الملائكة، بحيث يخرون خرّا، ويتهاوون هويّا: «فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ».
[إبليس ومن له سلطان عليهم]
«فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ..»
وإنها لجرأة عجيبة أن يخرج هذا المخلوق الشقىّ عن أمر ربه، وأن يتحدّى


الصفحة التالية
Icon