المعنى الجملي
لما حكى سبحانه عن المشركين الجدل بغير علم فى البعث والحشر وذمهم على ذلك- قفى على هذا بإثباته من وجهين:
(١) الاستدلال بخلق الحيوان وهو ما أشار إليه فى الآية الأخرى: «قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ» وقوله «فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا؟ قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ».
(٢) الاستدلال بحال خلق النبات فى قوله «وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً» إلخ.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) أي إن كنتم فى شك من مجىء البعث فانظروا إلى مبدإ خلقكم ليزول ريبكم وتعلموا أن القادر على خلقكم أول مرة قادر على إعادة خلقكم ثانيا.
وعبر سبحانه بالريب مع أنهم موقنون بعدم حصوله، إيذانا بأن أقصى ما يمكن صدوره منهم وإن بلغوا غاية المكابرة والعناد- هو الارتياب فى شأنه، أما الجزم بعدم إمكانه فلا يدور بخلد عاقل على حال.
ثم ذكر سبحانه من مراتب الخلق أمورا سبعة:
(١) (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) إذ خلق الإنسان من المنى المتولد من الأغذية، والأغذية تنتهى إلى النبات، وهو يتولد من الأرض والماء.
(٢) (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) أي ثم من منى مكون من الدم المتولد من الغذاء المنتهى إلى التراب:
(٣) (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) أي ثم من دم جامد غليظ، ولا يخفى ما بين الماء والدم من المباينة والمخالفة.