إلى كل مكرمة، المتصفين بكل فضيلة، فدعوا الجدل والمراء واتبعوا فضائل الدين، فالدين هو السبيل الموصل إلى السعادة المنجّى من كل سوء.
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي ومن أىّ مكان خرجت، وفي أي بقعة حللت، فول وجهك في صلاتك شطر المسجد الحرام، وقد أعاد الأمر مرة أخرى ليبين أن هذا التولي عام في كل زمان ومكان، ولا يختص ببلاد دون أخرى، ولا بحضر دون سفر، ولا بالصلاة التي كان يصليها وقد نزل عليه التحويل فيها، بل هو شريعة عامة في كل حين وفي كل مكان.
وأصحاب هذه القبلة يصلون إلى جميع الجهات بتوليهم إياها في بقاع الأرض المختلفة شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا.
ثم وثّق ذلك ووكده بقوله:
(وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي وإن توليك إياه لهو الحق الثابت الموافق للحكمة والمصلحة.
(وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) أي فالله ليس بغافل عن أعمالكم وإخلاصكم في متابعة النبي ﷺ في كل ما يجىء به من أمر الدين، وسيجازيكم بذلك خير الجزاء.
ولا يخفى ما في هذا من الوعد والبشارة للمؤمنين بنيل المكافأة على ما يفعلون.
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) أي ومن حيث خرجت في أسفارك في المنازل القريبة أو البعيدة، فولّ وجهك جهة المسجد الحرام، وحيثما كنتم من أقطار الأرض مقيمين أو مسافرين وصليتم فولوا وجوهكم شطره.
وأعاد الأمر (فَوَلِّ وَجْهَكَ) مرة ثالثة عناية بأمر هذا التولي، وليرتب عليه الحكم والمنافع الثلاث الآتية: