لا عقول بها، والإبداء: إظهار الشيء، والربط على القلب: شده والمراد هنا تثبيته، وقصيه: أي اقتفى أثرة وتتبعى خبره، فبصرت به: أي أبصرته، عن جنب: أي عن بعد، لا يشعرون: أي لا يدرون أنها أخته، حرمنا: أي منعنا، يكفلون: أي يضمنون رضاعه والقيام بشئونه، والنصح: إخلاص العمل والمراد أنهم يعملون ما ينفعه فى غذائه وتربيته، ولا يقصرون فى خدمته.
الإيضاح
بعد أن ذكر سبحانه أنه سيمنّ على بنى إسرائيل الذين استضعفوا فى الأرض، أردف ذلك تفصيل بعض نعمه عليهم فقال:
(وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) أي وألهمناها وقذفنا فى قلبها أن أرضعيه ما أمكنك إخفاؤه عن عدوه وعدوك.
(فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي) أي فإذا خفت عليه من جواسيس فرعون ونقبائه الذين يقتلون أولاد بنى إسرائيل اتباعا لأمره، أو من الجيران أن يتمّوا عليه إذا سمعوا صوته، فألقيه فى النيل ولا تخافي هلاكه، ولا تحزنى لفراقه، وقد تقدم فى سورة طه بيان الكيفية التي ألقته بها فى اليم.
روى أن دارها كانت على الشاطئ فاتخذت تابوتا ومهدت فيه مهدا وألقته فى النيل، وليس هناك من دليل على الزمن الذي قصته بين الولادة والإلقاء فى اليم.
ثم وعدها سبحانه بما يسليّها ويطمئن قلبها ويملؤه غبطة وسرورا، وهو رده إليها وجعله رسولا نبيا فقال:
(إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) أي إنا رادو ولدك إليك للرضاع وتكونين أنت مرضعه، وباعثوه رسولا إلى هذا الطاغية وجاعلو هلاكه ونجاة بنى إسرائيل مما هم فيه من البلاء على يديه.
وهذه الآية اشتملت على أمرين: أرضعيه وألقيه، ونهيين: ولا تخافي ولا تحزنى،