رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا».
(وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا) يقولون ما يكون لى أن أفعل كذا على معنى أنه غير مستطاع لى ولا جار على السنن المعقولة.
أي ليس من شأننا أن نعود فيها فى حال من الأحوال إلا حال مشيئة ربنا المتصرف فى جميع شئوننا، فهو وحده القادر على ذلك، لا أنتم ولا نحن، لأنا موقنون بأن ملتكم باطلة، وملتنا هى الحق التي بها صلاح حال البشر وعمران الأرض.
وهذه الجملة رفضن آخر للعود إلى ملتهم مؤكد أبلغ التأكيد، مؤيس لهم من عودته ومن آمن معه إلى ملتهم، فبعد أن نفى وقوع العود منهم باختيارهم نفاه نفيا مؤكدا بأنه ليس من شأنهم ولا يجىء من قبلهم بحال من الأحوال كالترغيب والترهيب بالرجاء فى المنافع والخوف من المضار كالإخراج من الديار، إلا حالا واحدة وهى مشيئة الله ومشيئته تجرى بحسب علمه وحكمته فى خلقه، وسنته فى خلقه أن ينصر أهل الحق على أهل الباطل ما داموا ناصرين له وقائمين بما هداهم إليه منه.
وخلاصة ذلك- لا تطمعوا أن يشاء ربنا الحفىّ بنا عودتنا فى ملتكم بعد إذ نجانا منها بفضله، فما كان الله ليدحض حجته ويغيّر سنته.
(وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) فهو سبحانه يعلم كل حكمة ومصلحة، ومشيئته تجرى على موجب الحكمة، فكل ما يقع فهو مشتمل عليها، وفى هذا إيماء إلى عدم الأمن من مكر الله سبحانه: «فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ».
(عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا) أي إلى الله وحده وكلنا أمورنا مع قيامنا بكل ما أوجبه علينا من الحفاظ على شرعه ودينه، فهو الذي يكفينا تهديدكم وما ليس فى استطاعتنا من جهادكم: «وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ» إذ من شروط التوكل الصحيح القيام بالأحكام الشرعية ومراعاة السنن الكونية والاجتماعية، فمن يترك العمل بالأسباب فهو الجاهل المغرور لا المتوكل المأجور، كيف
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم