الإسلام والدين الحق تشبيها لوسيلة المقصود بوسيلة المقصد او لمحل التوجه الروحاني بمحل التوجه الجسماني وانما سمى الدين صراطا لان الله سبحانه وان كان متعاليا عن الامكنة لكن العبد الطالب لا بدله من قطع المسافات ومس الآفات وتحمل المجافاة ليكرم لوصول والموافاة ثم في قوله اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ مع انه مهتد وجوه الاول ان لا بد بعد معرفة الله تعالى والاهتداء بها من معرفة الخط المتوسط بين الافراط والتفريط في الأعمال الشهوية والغضبية وانفاق المال والمطلوب ان يهديه الى الوسط والثاني انه وان عرف الله بدليل فهناك ادلة اخرى فمعنى اهدنا عرفنا ما في كل شىء من كيفية دلالته على ذاتك وصفاتك وافعالك والثالث ان معناه بموجب قوله تعالى وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً طلب الاعراض عما سوى الله وان كان نفسه والإقبال بالكلية عليه حتى لو امر بذبح ولده كابراهيم عليه السلام او بان ينقاد للذبح كاسمعيل عليه السلام او بان يرمى نفسه في البحر كيونس عليه السلام او بان يتلمذ مع بلوغه أعلى درجات الغايات كموسى عليه السلام او ان يصير في الأمر بالمعروف على القتل والشق بنصفين كيحيى وزكريا عليهما السلام فعل وهذا مقام هائل الا ان في قوله صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ دون ان يقول صراط الذين ضربوا وقتلوا تيسير اما وترغيبا الى مقام الأنبياء والأولياء من حيث إنعامهم ثم الاستقامة الاعتدالية ثم الثبات عليها امر صعب ولذا قال النبي ﷺ (شيبتنى هود وأخواتها) حيث ورد فيها فاستقم كما أمرت فان الإنسان من حيث نشأته وقواه الظاهرة والباطنة مشتمل على صفات واخلاق طبيعية وروحانية ولكل منها طرفا افراط وتفريط والواجب معرفة الوسط من كل ذلك والبقاء عليه وبذلك وردت الأوامر ونطقت الآيات كقوله تعالى وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً الآية حرضه على الوسط بين البخل والإسراف وكقوله ﷺ لمن سأله مستشيرا فى الترهب وصيام الدهر وقيام الليل كله بعد زجره إياه (ان لنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حقا فصم وأفطر وقم ونم) وهكذا في الأحوال كلها نحو قوله تعالى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى ولما رأى ﷺ عمر رضى الله عنه يقرأ رافعا صوته سأله فقال او قظ الوسنان واطرد الشيطان فقال عليه السلام (اخفض من صوتك قليلا) واتى أبا بكر رضى الله عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد أسمعت من ناجيت فقال عليه السلام (ارفع من صوتك قليلا) وهكذا الأمر في باقى الأخلاق فان الشجاعة صفة متوسطة بين الهور والجبن والبلاغة بين الإيجاز المجحف والاطناب المفرط وشريعتنا قد تكفلت ببيان ميزان الاعتدال في كل ترغيب وترهيب وحال وحكم وصفة وخلق حتى عينت للمذمومة مصارف إذا استعملت فيها كانت محمودة كالمنع لله والبغض لله والمستقيم على اقسام منها مستقيم بقوله وفعله وقلبه ومستقيم بقلبه وفعله دون قوله اى لم يعلم أحدا ولهذين الفوز والاول أعلى ومستقيم بفعله وقوله دون قلبه وهذا يرجى له النفع بغيره ومنها مستقيم بقوله وقلبه دون فعله ومستقيم بقوله دون فعله وقلبه ومستقيم بقلبه دون قوله وفعله ومستقيم بفعله دون قوله وقلبه وهؤلاء الاربعة عليهم لا لهم وان كان بعضهم فوق بعض وليس المراد بالاستقامة بالقول ترك الغيبة والنميمة وشبههما فان الفعل يشمل ذلك


الصفحة التالية
Icon