سدوه وإن كان على ضد ذلك تركوه، وقال قتادة: إذا أصابهم شدة استعانوا بالله وإذا أصابتهم حسنة نسبوها إلى شركائهم. وقال مقاتل: إن زكا ونما نصيب الآلهة ولم يزك نصيب الله تركوا نصيب الآلهة. وقالوا: لو شاء زكى نصيب نفسه. وأما إن زكا نصيب الله ولم يزك نصيب الآلهة قالوا لا بدّ لآلهتنا من نفقة وأخذوا نصيب الإله تعالى فأعطوه السدنة.
فمعنى فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ أنه لا يصل إلى الوجوه التي كانوا يصرفونه إليها من قرى الضيفان والتصدق على المساكين، ومعنى الوصول إلى شركائهم أنهم ينفقونه عليها بذبح نسائك عندها والأجراء على سدنتها ونحو ذلك. وقوله: مِمَّا ذَرَأَ فيه أن الله تعالى كان أولى بأن يجعل له الزاكي لأنه هو الذي ذرأه أي خلقه. ثم إنه سبحانه ذم فعلهم فقال:
ساءَ ما يَحْكُمُونَ وذكر العلماء فيه وجوها: الأول أنهم رجحوا جانب الأصنام في الرعاية والحفظ على جانبه وهو سفه. الثاني جعلوا بعض الحرث لله وبعضه لغيره مع أنه تعالى هو الخالق للجميع. الثالث أن ذلك حكم أحدثوه من قبل أنفسهم ولم يشهد بصحته عقل ولا شرع وأشار إليه بقوله بِزَعْمِهِمْ الرابع لو حسن إفراز نصيب الأصنام لحسن إفراز نصيب لكل حجر ومدر. الخامس لا تأثير للأصنام في حصول الحرث والأنعام ولا قدرة لها على الانتفاع بذلك النصيب، فإفراز النصيب لها عبث. النوع الثاني من أحكامهم الفاسدة قوله: وَكَذلِكَ زَيَّنَ كان أهل الجاهلية يدفنون بناتهم أحياء خوفا من الفقر أو من التزويج، وكان الرجل يحلف بالله إن ولد له كذا غلاما لينحرن أحدهم كما فعل عبد المطلب على ابنه عبد الله، والشركاء على الوجه الأول الشياطين الذين أطاعوهم في معصية الله تعالى، وعلى الثاني هم السدنة والخدام، والأول قول مجاهد، والثاني للكلبي. وتقدير الكلام ومثل ذلك التزيين وهو تزيين الشرك في قسمة القربان بين الله والآلهة، أو مثل ذلك التزيين البليغ الذي علم من الشياطين زين لهم شركاؤهم من الشياطين أو من سدنة الأصنام قَتْلَ أَوْلادِهِمْ بالوأد أو بالنحر. ثم إن وجه القراءة الأكثري ظاهر وليس فيها إلا تقديم المفعول وذلك لشدة الاعتناء به، وأما قراءة ابن عامر فخطأها الزمخشري من جهة الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف فإن ذلك قد جوز بالظرف كقوله:
لله در اليوم من لامها وضعف بغير الظرف كقوله:
فزججتها بمزجة... زج القلوص أبي مزاده
وحملوه على ضرورة الشعر مع الاستكراه، والحق عندي في هذا المقام أن القرآن